المواضيع الأخيرة
بحـث
أزمة نهج سياسي أم أزمة أنظمة؟
2 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
أزمة نهج سياسي أم أزمة أنظمة؟
لم يكنْ تواطؤُ بعض الأنظمة العربيَّة مع الولايات المتحدة الأمريكيَّة في غزوها للعراق، أو مع إسرائيل في حربها على غزة دليلا على وجود نهجٍ سياسي واضحٍ لدى الأنظمة المذكورة، كما يذهبُ إلى ذلك الدكتور بشير موسى نافع في مقاله 'تعثر المصالحات يكشف عمق الأزمة العربية' المنشور في صحيفة 'القدس العربي' يوم الخميس 16/4/2009، بل كان برهانا على علاقة التبعية المطلقة التي تربط بين هذه الأنظمة والولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ذلك أن وجود نهج سياسيٍّ واضحٍ لدى هذه الأنظمة يعني وجود مقدارٍ من الحريَّة، والقدرة على التصرُّف، واتّخاذ موقفٍ فكريٍّ مستقلٍّ عما يرغبُ فيه حلفاؤها وغرماؤها، وهذا غيـرُ متوافـرٍ للأسف في بنيتها الذيليّـة الهشّـة؛ لأنها تنفّـِذُ ما يُملَََى عليها من قرارات دون أن يكونَ لديها القدرةُ على رفضها أو مناقشتها، هذا إذا لم نقلْ: إنها وصلت إلى حالٍ من الخضوع أصبحت فيه دريئة تتلقى فعلَ الآخرين، وتستجيبُ له بمزيدٍ من الإذعان والانصياع والطأطاة، دون أن تملكَ المقدرة على الرفض؛ ولعل هذا هو السَّببُ في أزمتها المستديمة التي لن تستطيعَ الخروجَ منها إلا بتغيير هُـوِّيتها الاستبداديّـة، والتحوُّلِ إلى أنظمةٍ ديمقراطيَّـة مُنتخبَـة شعبيّا، وهذا غيرُ ممكنٍ أيضا؛ لأنه يعني إلغاءَها لذاتها وجوهـرها وتاريخها الاستبداديِّ، وسيبقى الأمرُ على ما هو عليه إلى أن يُقيَّضَ للشعوب العربيَّة استلامُ زمام المبادرة، وتحريكُ دفَّة السياســة العربيّـة بما يتلاءَم مع مصالحها.
ولكنْ، لماذا تعيشُ بعضُ الأنظمة في هذا الوضعِ المذلِّ، وتقبلُ بأنْ توجِّهَها أمريكا، وتتحكَّم بقدرتها على اتخاذ القرارات التي تريدها حتى داخل أوطانها؟
لمَ لا تستطيعُ رفضَ إملاءات الولايات المتحدة الأمريكية، والتمرُّدَ عليها؟
ما الفعلُ الفاضحُ الذي ارتكبته هذه الأنظمة ضدَّ شعوبها، أو ضدَّ المجتمع الدولي، وجعلها مضطرة إلى أن تسايـرَ هذه القوة الهمجية المتغطرسة؟
ثم، ألا تملكُ هذه الأنظمة المقدرة على الخروج من هذه الدائرة التي تُمسِك بخُنّاقها، وتشلُّ حركتها؟ وكيف لها أن تفعل ذلك؟
احتفاء الشرعية
في الإجابة عن الأسئلة السابقة لابدَّ أن ندرك أن الأنظمة المذكورة تفتقر إلى الوجود الشرعيِّ داخل أوطانها، لأنها وصلت إلى السلطـة عن طريق الانقلاب العسكري أو التوريث، وليس عن طريق الانتخاب المباشَـر الحُـرِّ النزيـه، ولم يكن لإرادة الشعوب العربية أيُّ دورٍ في إيصالها إلى سُدَّة الحكم أو استمرارها، لقد وصلت إليه بواسطة القوة والعنف، واستمرت كذلك، مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في أغلب الأحيان، وكثيرا ما لجأت إلى تجديد وجودها بانتخابات شكليّـة ومزيَّفـة لضمان استمرارها في الحكم دون أن تُضطـّر للارتهان إلى رغبات شعوبها، وكان هذا المطعـنُ الأساسيُّ في وجودها سببا كافيا لقبولها بما تريده الولايات المتحدة منها، والولاياتُ المتحدة، كما نعلم، تهيمنُ على مؤسسات المجتمع الدولي، وتملك المقدرة على تحريكها في أي وقت تشاء ضد هذه الأنظمة في حال لم تستجب لمطالبها، ولم تذعـن لإملاءاتها، والكلُّ يعلمُ، أيضا، بأن الولايات المتحدة تعرفُ جيدا ما يجرى في أروقة الدوائـر الانتخابيّة الصوريّـة التي تقيمها الأنظمة العربية لضمان تأبيدها في الحكم، وكيف تعمدُ هذه الأنظمة إلى تزوير الانتخابات، وضمان الوصول إلى نسبة عالية تكفل لها الاستمرار في الحكم مدى الحياة تحت شعار أن الشعوب تريد ذلك، وما كان للشعوب أيُّ رغبة في ذلك، وإنما هي لعبة قامت بها الأنظمة، وشاركتها فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها لغاية في نفس يعقوب، واضطرت الشعوب مكرهة أن تقبل بذلك، بعد أن اتخذت هذه الأنظمة كلَّ الإجراءات الكفيلة ببقائها في الحكم، في مقدمتها تحويلُ الجيوش العربية إلى قوة ضاربة لكسر شوكتها ومعارضتها بدلا من أن تُتَّخَذ لمقاومة العدو الرابض على مسافة قريبة منها، أو بعيدة عنها، ثم تجنيد شرائح كبيرة من شبابها في أجهزة الأمن المختلفة كرديف لقوة الجيش لمراقبة حركة الناس في الشارع العربي، ونقل توجهات بوصلتهم السياسية إلى السلطة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحق المعارضين منهم بالتصفية الجسدية، أو بالسجن، أو بالترحيل، أو بالتدجين والاحتواء.
وثمة أسلوب انتهجته الأنظمة العربية لمنع بزوغ معارضة في أوطانها أصلا، واجتثاث أية إمكانية لقيامها في المستقبل، ينهض على إلهاء الناس بتأمين لقمة العيش، وجعل محور اهتمامهم منصبّا على تأمين متطلبات الحياة الضرورية، وفي مقدمتها لقمة العيش والمسكن، أو إغراقهم بالركض وراء الحاجات الاستهلاكية المستحدثة التي ولَّدْتها العولمة ووسائل الاتصال الحديثة، وقد أمكن للأنظمة العربية من خلال خططها الاستراتيجية أن تجعل ذلك جزءا أساسيّا من حياة الناس من خلال توظيف وسائل الإعلام المختلفة والوزارات المعنية كأبواق لها، وهكذا استطاعت هذه الأنظمة تجديد نفسها، وإعادة تشكيل الأجيال الجديدة من أبنائها كامتداد طبيعيِّ لها وحارس لبنيتها التحتية وبنائها الفوقي، بعد أن قامت بعملية غسل دماغ ناجحة لهم، وضمنت طاعتهم المطلقة.
وهنا يجب الانتباه إلى أن الجيل الذي يبلغ عمره أربعين عاما فما دون من الشباب العربي هو نتاج لتربية هذه الأنظمة، ونتاج لإعادة التشكيل الذي قامت به عبر مؤسساتها المختلفة، وكثيرٌ من أبناء هذا الجيل تآلف مع فكرة الاستبداد، وعدَّها أمرا طبيعيّا في حياته، ولم ينظر إليها على أنها كارثة لحقت به وبوطنه، وبعض من أبناء هذا الجيل تماهَـوْا مع حكامهم، وعدَّوا ذلك جزءا من نسيج حياتهم، بل إنهم أصبحوا، لأسباب مختلفة، غيرَ قادرين على تصوُّر حياتهم من دون هؤلاء الحكام المستبدين، كما يذهب إلى ذلك بعض كبار الأدباء في الوطن العربي في نتاجهم الإبداعي، في مقدمتهم زكريا تامر، وصنع الله إبراهيم.
ومعلوم أن سياسة التجهيل التي تقوم بها هذه الأنظمة تستكمل ما تبغيه من تحقيق طموحاتها السياسية، وأهدافها المعلنة وغير المعلنة.
فضلا عن أن الولايات المتحدة أتاحت لنفسها، بعد أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) أن تتدخل في إعادة صياغة كثير من المناهج التعليمية العربية، بما يتناسب مع أهدافها وخططها الاستراتيجية لإعادة تشكيل العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، ولاسيما بعد أن أصبحت قطبه الأوحد والقوة الضاربة التي تتحكم بمجريات الحركة فيه، وهكذا أتيح لنا أن نتعرف إلى مناهج عربية جديدة لا تعادي إسرائيل والولايات المتحدة، وتعتبرهما المثل الأعلى لحياة العرب الراغبين في الدخول إلى العصر الحديث، وساعد على ذلك أن الأنظمة العربية تريد، أيضا، أن تقصي مواطنيها عن ماضيهم، وتلحقهم بعصر آخر لا مكان فيه للنضال في سبيل الوطن، أو الجهاد في سبيل الإسلام، وهو ما باعد الشَّقّـة بين كثير من الشعوب العربية وحكامها، وجعلهما قطبين متناحرين.
ولكنْ، لماذا تعيشُ بعضُ الأنظمة في هذا الوضعِ المذلِّ، وتقبلُ بأنْ توجِّهَها أمريكا، وتتحكَّم بقدرتها على اتخاذ القرارات التي تريدها حتى داخل أوطانها؟
لمَ لا تستطيعُ رفضَ إملاءات الولايات المتحدة الأمريكية، والتمرُّدَ عليها؟
ما الفعلُ الفاضحُ الذي ارتكبته هذه الأنظمة ضدَّ شعوبها، أو ضدَّ المجتمع الدولي، وجعلها مضطرة إلى أن تسايـرَ هذه القوة الهمجية المتغطرسة؟
ثم، ألا تملكُ هذه الأنظمة المقدرة على الخروج من هذه الدائرة التي تُمسِك بخُنّاقها، وتشلُّ حركتها؟ وكيف لها أن تفعل ذلك؟
احتفاء الشرعية
في الإجابة عن الأسئلة السابقة لابدَّ أن ندرك أن الأنظمة المذكورة تفتقر إلى الوجود الشرعيِّ داخل أوطانها، لأنها وصلت إلى السلطـة عن طريق الانقلاب العسكري أو التوريث، وليس عن طريق الانتخاب المباشَـر الحُـرِّ النزيـه، ولم يكن لإرادة الشعوب العربية أيُّ دورٍ في إيصالها إلى سُدَّة الحكم أو استمرارها، لقد وصلت إليه بواسطة القوة والعنف، واستمرت كذلك، مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في أغلب الأحيان، وكثيرا ما لجأت إلى تجديد وجودها بانتخابات شكليّـة ومزيَّفـة لضمان استمرارها في الحكم دون أن تُضطـّر للارتهان إلى رغبات شعوبها، وكان هذا المطعـنُ الأساسيُّ في وجودها سببا كافيا لقبولها بما تريده الولايات المتحدة منها، والولاياتُ المتحدة، كما نعلم، تهيمنُ على مؤسسات المجتمع الدولي، وتملك المقدرة على تحريكها في أي وقت تشاء ضد هذه الأنظمة في حال لم تستجب لمطالبها، ولم تذعـن لإملاءاتها، والكلُّ يعلمُ، أيضا، بأن الولايات المتحدة تعرفُ جيدا ما يجرى في أروقة الدوائـر الانتخابيّة الصوريّـة التي تقيمها الأنظمة العربية لضمان تأبيدها في الحكم، وكيف تعمدُ هذه الأنظمة إلى تزوير الانتخابات، وضمان الوصول إلى نسبة عالية تكفل لها الاستمرار في الحكم مدى الحياة تحت شعار أن الشعوب تريد ذلك، وما كان للشعوب أيُّ رغبة في ذلك، وإنما هي لعبة قامت بها الأنظمة، وشاركتها فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها لغاية في نفس يعقوب، واضطرت الشعوب مكرهة أن تقبل بذلك، بعد أن اتخذت هذه الأنظمة كلَّ الإجراءات الكفيلة ببقائها في الحكم، في مقدمتها تحويلُ الجيوش العربية إلى قوة ضاربة لكسر شوكتها ومعارضتها بدلا من أن تُتَّخَذ لمقاومة العدو الرابض على مسافة قريبة منها، أو بعيدة عنها، ثم تجنيد شرائح كبيرة من شبابها في أجهزة الأمن المختلفة كرديف لقوة الجيش لمراقبة حركة الناس في الشارع العربي، ونقل توجهات بوصلتهم السياسية إلى السلطة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحق المعارضين منهم بالتصفية الجسدية، أو بالسجن، أو بالترحيل، أو بالتدجين والاحتواء.
وثمة أسلوب انتهجته الأنظمة العربية لمنع بزوغ معارضة في أوطانها أصلا، واجتثاث أية إمكانية لقيامها في المستقبل، ينهض على إلهاء الناس بتأمين لقمة العيش، وجعل محور اهتمامهم منصبّا على تأمين متطلبات الحياة الضرورية، وفي مقدمتها لقمة العيش والمسكن، أو إغراقهم بالركض وراء الحاجات الاستهلاكية المستحدثة التي ولَّدْتها العولمة ووسائل الاتصال الحديثة، وقد أمكن للأنظمة العربية من خلال خططها الاستراتيجية أن تجعل ذلك جزءا أساسيّا من حياة الناس من خلال توظيف وسائل الإعلام المختلفة والوزارات المعنية كأبواق لها، وهكذا استطاعت هذه الأنظمة تجديد نفسها، وإعادة تشكيل الأجيال الجديدة من أبنائها كامتداد طبيعيِّ لها وحارس لبنيتها التحتية وبنائها الفوقي، بعد أن قامت بعملية غسل دماغ ناجحة لهم، وضمنت طاعتهم المطلقة.
وهنا يجب الانتباه إلى أن الجيل الذي يبلغ عمره أربعين عاما فما دون من الشباب العربي هو نتاج لتربية هذه الأنظمة، ونتاج لإعادة التشكيل الذي قامت به عبر مؤسساتها المختلفة، وكثيرٌ من أبناء هذا الجيل تآلف مع فكرة الاستبداد، وعدَّها أمرا طبيعيّا في حياته، ولم ينظر إليها على أنها كارثة لحقت به وبوطنه، وبعض من أبناء هذا الجيل تماهَـوْا مع حكامهم، وعدَّوا ذلك جزءا من نسيج حياتهم، بل إنهم أصبحوا، لأسباب مختلفة، غيرَ قادرين على تصوُّر حياتهم من دون هؤلاء الحكام المستبدين، كما يذهب إلى ذلك بعض كبار الأدباء في الوطن العربي في نتاجهم الإبداعي، في مقدمتهم زكريا تامر، وصنع الله إبراهيم.
ومعلوم أن سياسة التجهيل التي تقوم بها هذه الأنظمة تستكمل ما تبغيه من تحقيق طموحاتها السياسية، وأهدافها المعلنة وغير المعلنة.
فضلا عن أن الولايات المتحدة أتاحت لنفسها، بعد أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) أن تتدخل في إعادة صياغة كثير من المناهج التعليمية العربية، بما يتناسب مع أهدافها وخططها الاستراتيجية لإعادة تشكيل العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، ولاسيما بعد أن أصبحت قطبه الأوحد والقوة الضاربة التي تتحكم بمجريات الحركة فيه، وهكذا أتيح لنا أن نتعرف إلى مناهج عربية جديدة لا تعادي إسرائيل والولايات المتحدة، وتعتبرهما المثل الأعلى لحياة العرب الراغبين في الدخول إلى العصر الحديث، وساعد على ذلك أن الأنظمة العربية تريد، أيضا، أن تقصي مواطنيها عن ماضيهم، وتلحقهم بعصر آخر لا مكان فيه للنضال في سبيل الوطن، أو الجهاد في سبيل الإسلام، وهو ما باعد الشَّقّـة بين كثير من الشعوب العربية وحكامها، وجعلهما قطبين متناحرين.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: أزمة نهج سياسي أم أزمة أنظمة؟
تواطؤ
في ظل سياق كهذا، تضافرت فيه مصلحة الأنظمة العربية مع مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، غدا من الصعب على الطليعة الواعية أن تلعب دورا في توعية الجماهير العربية، وتبصيرها بالمخاطر التي تتعرض لها في واقعها الجديد، ولاسيما بعد أن أحكمت أجهزة الأمن العربية الطوق على الشارع العربي، وقامت بشراء ذمم الكتاب وضمائرهم للمشاركة في تدجينه، وبعض من هؤلاء الكتاب لم يأنفوا عن التعامل مع السلطة، ورهنوا قواهم العقلية والإبداعية لخدمتها، بل لقد غدت كثير من الاتحادات العربية أبواقا علنية للسلطة، وشاركت في مهزلة تأبيدها والتصفيق لمنجزاتها، كما قام كثير من الفنانين العرب ذوي الشعبية الواسعة بتمجيد الحكام وتجسيد شخصياتهم، ونسيان ما قاموا به من كوارث بحق خيرة أبناء الوطن، هكذا قدم الفنان المبدع أحمد زكي جانبا من شخصية الرئيس جمال عبد الناصر في فيلمه 'ناصر56'، واقتصر في تقديمه لشخصية عبد الناصر على جانبها الوطني المضيء فقط، ونسي أن عبد الناصر وضع في سجونه خيرة مفكري مصر وكتابها: سيد قطب، ومحمود أمين العالم، وعبدالعظيم أنيس، وشريف حتاتة، ونوال السعداوي ( كما يصور ذلك نجيب محفوظ باقتدار في روايته 'الكرنك')، كما قام الفنان أحمد زكي، أيضا، بتجسيد شخصية الرئيس أنور السادات في فيلمه ' أيام السادات'، واكتفى برصد جانب منها دون أن يتوقف عند الجوانب الأخرى، مع أن السادات كان، كسلفه عبدالناصر، حاكما مستبدا هو الآخر بشهادة نجيب محفوظ نفسه في روايتيه 'أمام العرش' (1983) و' يوم مقتل الزعيم' (1985) .
(ومعلوم أن الأنظمة التسلطية العربية قصَّت لكثير من المفكرين والأدباء العرب ألسنتهم، ومنعتهم من استخدامها بما يتعارض مع مصالحها، وفرضت عليهم البطالة المقنَّعة، أو المؤبَّدة، وجعلتهم محكومين بمواجهة طاغيتين: أحدهما رسميٌّ يحتكرُ قنواتِ القول، وحرية الكلام، وشرعيَّة المحاكمة والعقاب، والثاني سلفيٌّ متعصِّبٌ يعيش في ماضٍ متوهَّم، ويلوذُ بالمطلقات والمجرَّدات)، ويطلُبُ من المثقَّف أن يكونَ امتدادا له، أو يكتفيَ بالصمت) ، وقد وقف المثقفُ العربيُّ حائرا بينهما فترة من الزمن، ثم اختار مرغما الانضمامَ إلى أحدهما؛ فحبسَ نفسَه في شرنقة الماضي المُغلَق، وأصمَّ أذنيه عن عَويلِ الحاضر، أو انضمَّ، مُكرَها أو راغبا، إلى حظيرة السُّلطة الديكتاتوريَّة، ورضي بأن يُصبحَ نمرا مُدجَّنا من ورق، بدلا من أن يبقى قرينَ الحريّةِ، وصديقَ الغابات والعصافير.
في ظل سياق كهذا، تضافرت فيه مصلحة الأنظمة العربية مع مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، غدا من الصعب على الطليعة الواعية أن تلعب دورا في توعية الجماهير العربية، وتبصيرها بالمخاطر التي تتعرض لها في واقعها الجديد، ولاسيما بعد أن أحكمت أجهزة الأمن العربية الطوق على الشارع العربي، وقامت بشراء ذمم الكتاب وضمائرهم للمشاركة في تدجينه، وبعض من هؤلاء الكتاب لم يأنفوا عن التعامل مع السلطة، ورهنوا قواهم العقلية والإبداعية لخدمتها، بل لقد غدت كثير من الاتحادات العربية أبواقا علنية للسلطة، وشاركت في مهزلة تأبيدها والتصفيق لمنجزاتها، كما قام كثير من الفنانين العرب ذوي الشعبية الواسعة بتمجيد الحكام وتجسيد شخصياتهم، ونسيان ما قاموا به من كوارث بحق خيرة أبناء الوطن، هكذا قدم الفنان المبدع أحمد زكي جانبا من شخصية الرئيس جمال عبد الناصر في فيلمه 'ناصر56'، واقتصر في تقديمه لشخصية عبد الناصر على جانبها الوطني المضيء فقط، ونسي أن عبد الناصر وضع في سجونه خيرة مفكري مصر وكتابها: سيد قطب، ومحمود أمين العالم، وعبدالعظيم أنيس، وشريف حتاتة، ونوال السعداوي ( كما يصور ذلك نجيب محفوظ باقتدار في روايته 'الكرنك')، كما قام الفنان أحمد زكي، أيضا، بتجسيد شخصية الرئيس أنور السادات في فيلمه ' أيام السادات'، واكتفى برصد جانب منها دون أن يتوقف عند الجوانب الأخرى، مع أن السادات كان، كسلفه عبدالناصر، حاكما مستبدا هو الآخر بشهادة نجيب محفوظ نفسه في روايتيه 'أمام العرش' (1983) و' يوم مقتل الزعيم' (1985) .
(ومعلوم أن الأنظمة التسلطية العربية قصَّت لكثير من المفكرين والأدباء العرب ألسنتهم، ومنعتهم من استخدامها بما يتعارض مع مصالحها، وفرضت عليهم البطالة المقنَّعة، أو المؤبَّدة، وجعلتهم محكومين بمواجهة طاغيتين: أحدهما رسميٌّ يحتكرُ قنواتِ القول، وحرية الكلام، وشرعيَّة المحاكمة والعقاب، والثاني سلفيٌّ متعصِّبٌ يعيش في ماضٍ متوهَّم، ويلوذُ بالمطلقات والمجرَّدات)، ويطلُبُ من المثقَّف أن يكونَ امتدادا له، أو يكتفيَ بالصمت) ، وقد وقف المثقفُ العربيُّ حائرا بينهما فترة من الزمن، ثم اختار مرغما الانضمامَ إلى أحدهما؛ فحبسَ نفسَه في شرنقة الماضي المُغلَق، وأصمَّ أذنيه عن عَويلِ الحاضر، أو انضمَّ، مُكرَها أو راغبا، إلى حظيرة السُّلطة الديكتاتوريَّة، ورضي بأن يُصبحَ نمرا مُدجَّنا من ورق، بدلا من أن يبقى قرينَ الحريّةِ، وصديقَ الغابات والعصافير.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: أزمة نهج سياسي أم أزمة أنظمة؟
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» الحريري يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة وسط انقسام سياسي
» العراق: أزمة للغرب وانفراج لإيران
» اعلان تكتل سياسي وطني جديد باسم (ائتلاف وحدة العراق)
» المسؤولية العربية القومية ,,, أزمة السودان نموذجا
» ويسترن ديجيتال تطرح أنظمة تخزين بسعة 4 تيرابايت
» العراق: أزمة للغرب وانفراج لإيران
» اعلان تكتل سياسي وطني جديد باسم (ائتلاف وحدة العراق)
» المسؤولية العربية القومية ,,, أزمة السودان نموذجا
» ويسترن ديجيتال تطرح أنظمة تخزين بسعة 4 تيرابايت
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome