حوار في دائرة مفرغة

استأنفت حركتا 'فتح' و'حماس' يوم امس حوارهما من اجل التوصل الى اتفاق مصالحة وطنية يضع حداً للانقسام الحالي، ولكن يبدو ان آمال مصر لانجاز هذا الاتفاق قبل السابع من الشهر المقبل، الموعد المحدد لتوقيعه، سابقة لأوانها علاوة على كونها غير واقعية، اذا وضعنا في اعتبارنا ضخامة الخلافات بين الطرفين، وتمسك كل طرف بمواقفه ورفض التنازل للطرف الآخر.
القضايا الخلافية متشعبة، تبدأ بكيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتنتهي بالشكل الذي يجب ان تكون عليه منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية سياسية تنضوي تحت مظلتها جميع فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية.
ولعل القضية الأكثر الحاحاً تلك المتعلقة بالمعتقلين في سجون الحركتين في رام الله وقطاع غزة. فحركة 'حماس' تصر على اطلاق جميع معتقليها الذين تقدر عددهم بحوالى ثمانمئة معتقل في سجون السلطة، ولكن الضغوط المصرية التي مورست في هذا الصدد لم تحقق اي نجاح.
قبل اسبوع أكد السيد عزام الاحمد رئيس كتلة 'فتح' في المجلس التشريعي الفلسطيني بأن الرئيس محمود عباس اصدر قراراً بالافراج عن جميع هؤلاء المعتقلين في غضون ساعات، وما حدث هو العكس تماماً حيث جرى الافراج عن العشرات ليتم بعد ذلك اعتقال اضعافهم ضمن ما يسمى بسياسة الباب الدوار.
لا نعرف كيف سيعالج اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصري، والمشرف على الحوار، هذه المسألة بالذات، أو ماذا سيحدث في حال فشل الطرفان في التوصل الى اتفاق في الموعد المحدد.
الحكومة المصرية بذلت جهوداً كبيرة من اجل انهاء حال الانقسام الفلسطيني الراهنة، بسبب ما تواجهه من مشاكل، ولادراكها المخاطر المترتبة على استمرارها. فقيام حكومة وحدة وطنية، واصلاح منظمة التحرير، والاتفاق على موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، واصلاح الاجهزة الامنية الفلسطينية، ستؤدي جميعا الى تصليب الموقف العربي في مواجهة حكومة اسرائيلية متطرفة، وادارة امريكية مترددة، واعادة فتح معبر رفح مجدداً مما يعني اطلاق سراح اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني هم مجموع ابناء قطاع غزة.
مهمة الحكومة المصرية ووسيطها تبدو صعبة للغاية، بسبب تعقيدات الملف الفلسطيني، ودخول اطراف خارجية على الخط لا تريد لهذا الحوار ان ينجح، بعضها اقليمي والبعض الآخر دولي.
الخلاف ليس بين فصيلين، وانما بين منهجين مختلفين، الاول يؤمن بالمقاومة ويراهن على معسكر دول الممانعة بزعامة ايران وسورية، والثاني يرى ان المفاوضات مع الاسرائيليين برعاية امريكية - اوروبية هي الطريق الأمثل لاستعادة الحقوق المغتصبة.
الهوة واسعة بين المنهجين، ولا نعتقد ان الكلمات الطيبة مثل ضرورة ازالة الخلافات وانهاء الانقسامات وتقديم المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني على المصلحة الفصائلية، ستؤدي الى تجسيرها وبما يؤدي الى المصالحة المأمولة.

نورتيني اغلا ريم