المواضيع الأخيرة
بحـث
العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
3 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
في خطابه امام مئات العراقيين المقيمين في بريطانيا مساء السبت (الثاني من هذا الشهر) اعتبر رئيس الوزراء العراقي، السيد نوري المالكي، ان الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها نهاية العام الحالي، ستكون المدخل الى الدولة العراقية الحديثة. فما معوقات بناء هذه الدولة؟ وما معالم الدولة التي يراها المالكي؟
من خلال الاستماع لما قاله رئيس الوزراء العراقي ثمة شعوران متباينان ينتابان المراقب عن كثب: اولهما يتسم بالتفاؤل بقدرة الساسة العراقيين الحاليين على بناء الكيان السياسي القادر على لملمة شمل ابناء ارض الرافدين بعد سنوات من الاستقطابات العرقية والمذهبية والايديولوجية والاحتلال، هذا التفاؤل يتأسس على وجود شخصية قوية على رأس السلطة التنفيذية الحالية. وثانيهما الشعور العميق بخيبة الامل مما آل اليه هذا البلد العظيم من تراجع في العقود الاخيرة نتيجة الحروب والاحتلال والنزاعات الداخلية. كان خطاب المالكي مفاجئا للكثيرين من غير العراقيين الذين راقبوا مجريات النقاش. وبغض النظر عن مدى صدقية الرجل او قدرته على تنفيذ ما يطرحه من سياسات وتطلعات، فقد أظهر خطابه ميزات ثلاثا له: اولاها عمق شعوره بالغضب ازاء ظاهرة الفساد التي استشرت في اوساط الحكم في السنوات الاخيرة، واصراره على التصدي لها. ثانيتها: وضوح رؤيته تجاه الاحتلال وضرورة انهائه واستعادة السيادة، وثالثتها التشبث بوحدة العراق من خلال تقوية المركز وعدم التفريط بذلك. الملاحظ ايضا وجود هوة واسعة بين الرجل وشركائه في الحكم ليس في السياسات التنفيذية فحسب، بل في النظرة الاستراتيجية، الامر الذي سوف يؤدي الى واحد من أمرين: اما انتهاء التحالف الحكومي بنمطه الحالي بعد الانتخابات المقبلة، او المواجهات المستمرة اذا ما استمرت السياسات التي تعتبر من تركة حقبة الاحتلال. والحديث عن استمرار هذه الحقبة سوف يتواصل ما لم يحصل العراق على استقلاله الكامل بدون قيد او شرط، الامر الذي لا يتوقع البعض حدوثه في المستقبل المنظور.
ماذا يعني ذلك؟ ان البحث عن تفسيرات لما يجري في العراق أمر غير متيسر، خصوصا مع التطورات المتواصلة والتغيرات السريعة على صعيدين اساسيين: ففي الداخل العراقي ثمة حالة من الشد والجذب بين اقطاب التحالفات التي عبرت عن نفسها في السنوات الخمس الماضية باللوائح الانتخابية التي بلورت الممارسة السياسية الحالية على صعيدين اساسيين: التشكيلة الحكومية وتركيبة مجلس النواب. وفي الخارج، تغير المزاج العالمي ازاء الحرب اولا وازاء التدخلات الامريكية في العالم. ويمكن القول ان مستقبل العملية السياسية سوف تتضح بشكل اكبر واقرب الى الواقع بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. فمثلا لا يبدو التحالف الشيعي المتمثل بالائتلاف الوطني العراقي، قادرا على البقاء فترة اطول لاعتبارات حزبية وعملية وايديولوجية. كما ان التحالفات الاخرى ليست أفضل حالا، خصوصا في ما يتصل بالحالة الكردية التي تشهد صراعا داخليا يختفي تارة ويظهر أخرى. وفي خضم اعادة ترتيب الاوراق السياسية، وهي عملية بدأت تشهد تسارعا حثيثا منذ الانتخابات الامريكية التي أبعدت مهندس الأزمة العراقية، جورج بوش وجاءت بالرئيس أوباما الى البيت الابيض، ومنذ قرار إنهاء الوجود العسكري البريطاني في الجنوب. لقد شهد الاثنا عشر شهرا الأخيرة مخاضات عديدة ادت الى حدوث ثورة صامتة في الأفق السياسي العراقي كما لم يحدث في اي من الاعوام الخمسة التي سبقت ذلك. ومهما قيل عن نوري المالكي، فان من الواضح انه أثبت نفسه سياسيا بارعا برغم العقبات الكبيرة التي واجهته منذ تشكيل حكومته قبل ثلاثة اعوام. ويمكن ملاحظة براعته على ثلاثة محاور جوهرية تشكل جوهر السياسة العراقية اليوم. اولها: تصديه لظاهرة العنف السياسي الذي كاد يتحول الى حرب طائفية شاملة، الامر الذي أدى الى إضعاف النزعة نحو العنف الطائفي وتوجه القوى السياسية، بأطيافها العرقية والمذهبية، للبحث عن صيغ عملية للتعايش الوطني، بعيدا عن اساليب العنف والقتل على الهوية. وثانيها: احتواء ملف الاحتلال بشكل حاذق، وتبني سياسة مفتوحة لانهاء الاحتلال عبر القنوات السياسية والقانونية، الامر الذي أدى بشكل تدريجي الى اقتناع الساسة الغربيين بعدم جدوى الاستمرار العسكري في العراق. وقد عملت الظروف لصالح المالكي، فكان غياب توني بلير عن مسرح السياسة البريطانية عاملا مهما في اضعاف الرغبة البريطانية في الاستمرار في الملف العراقي المثير للجدل الذي بدأه بلير. وكذلك كان لغياب بوش الأثر الكبير على اعادة النظر في سياساته التي ورطت امريكا ليس في العراق فحسب، وأدت الى عزلة امريكا من الناحية العملية. كيف ينظر الآخرون لما يجري في العراق تحت حكم المالكي؟ في محاضرة للبروفيسور تشارلز تريب، استاذ العلوم السياسية بجامعة الدراسات الشرقية والافريقية، القاها الاسبوع الماضي في ندوة دعا اليها نادي الخليج الثقافي. اوضح المحاضر دور رئيس الوزراء الحالي في صياغة الدولة العراقية الجديدة. اما معالم هذه الدولة فتتضح بتحليل الاطروحات السياسية للمالكي
من خلال الاستماع لما قاله رئيس الوزراء العراقي ثمة شعوران متباينان ينتابان المراقب عن كثب: اولهما يتسم بالتفاؤل بقدرة الساسة العراقيين الحاليين على بناء الكيان السياسي القادر على لملمة شمل ابناء ارض الرافدين بعد سنوات من الاستقطابات العرقية والمذهبية والايديولوجية والاحتلال، هذا التفاؤل يتأسس على وجود شخصية قوية على رأس السلطة التنفيذية الحالية. وثانيهما الشعور العميق بخيبة الامل مما آل اليه هذا البلد العظيم من تراجع في العقود الاخيرة نتيجة الحروب والاحتلال والنزاعات الداخلية. كان خطاب المالكي مفاجئا للكثيرين من غير العراقيين الذين راقبوا مجريات النقاش. وبغض النظر عن مدى صدقية الرجل او قدرته على تنفيذ ما يطرحه من سياسات وتطلعات، فقد أظهر خطابه ميزات ثلاثا له: اولاها عمق شعوره بالغضب ازاء ظاهرة الفساد التي استشرت في اوساط الحكم في السنوات الاخيرة، واصراره على التصدي لها. ثانيتها: وضوح رؤيته تجاه الاحتلال وضرورة انهائه واستعادة السيادة، وثالثتها التشبث بوحدة العراق من خلال تقوية المركز وعدم التفريط بذلك. الملاحظ ايضا وجود هوة واسعة بين الرجل وشركائه في الحكم ليس في السياسات التنفيذية فحسب، بل في النظرة الاستراتيجية، الامر الذي سوف يؤدي الى واحد من أمرين: اما انتهاء التحالف الحكومي بنمطه الحالي بعد الانتخابات المقبلة، او المواجهات المستمرة اذا ما استمرت السياسات التي تعتبر من تركة حقبة الاحتلال. والحديث عن استمرار هذه الحقبة سوف يتواصل ما لم يحصل العراق على استقلاله الكامل بدون قيد او شرط، الامر الذي لا يتوقع البعض حدوثه في المستقبل المنظور.
ماذا يعني ذلك؟ ان البحث عن تفسيرات لما يجري في العراق أمر غير متيسر، خصوصا مع التطورات المتواصلة والتغيرات السريعة على صعيدين اساسيين: ففي الداخل العراقي ثمة حالة من الشد والجذب بين اقطاب التحالفات التي عبرت عن نفسها في السنوات الخمس الماضية باللوائح الانتخابية التي بلورت الممارسة السياسية الحالية على صعيدين اساسيين: التشكيلة الحكومية وتركيبة مجلس النواب. وفي الخارج، تغير المزاج العالمي ازاء الحرب اولا وازاء التدخلات الامريكية في العالم. ويمكن القول ان مستقبل العملية السياسية سوف تتضح بشكل اكبر واقرب الى الواقع بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. فمثلا لا يبدو التحالف الشيعي المتمثل بالائتلاف الوطني العراقي، قادرا على البقاء فترة اطول لاعتبارات حزبية وعملية وايديولوجية. كما ان التحالفات الاخرى ليست أفضل حالا، خصوصا في ما يتصل بالحالة الكردية التي تشهد صراعا داخليا يختفي تارة ويظهر أخرى. وفي خضم اعادة ترتيب الاوراق السياسية، وهي عملية بدأت تشهد تسارعا حثيثا منذ الانتخابات الامريكية التي أبعدت مهندس الأزمة العراقية، جورج بوش وجاءت بالرئيس أوباما الى البيت الابيض، ومنذ قرار إنهاء الوجود العسكري البريطاني في الجنوب. لقد شهد الاثنا عشر شهرا الأخيرة مخاضات عديدة ادت الى حدوث ثورة صامتة في الأفق السياسي العراقي كما لم يحدث في اي من الاعوام الخمسة التي سبقت ذلك. ومهما قيل عن نوري المالكي، فان من الواضح انه أثبت نفسه سياسيا بارعا برغم العقبات الكبيرة التي واجهته منذ تشكيل حكومته قبل ثلاثة اعوام. ويمكن ملاحظة براعته على ثلاثة محاور جوهرية تشكل جوهر السياسة العراقية اليوم. اولها: تصديه لظاهرة العنف السياسي الذي كاد يتحول الى حرب طائفية شاملة، الامر الذي أدى الى إضعاف النزعة نحو العنف الطائفي وتوجه القوى السياسية، بأطيافها العرقية والمذهبية، للبحث عن صيغ عملية للتعايش الوطني، بعيدا عن اساليب العنف والقتل على الهوية. وثانيها: احتواء ملف الاحتلال بشكل حاذق، وتبني سياسة مفتوحة لانهاء الاحتلال عبر القنوات السياسية والقانونية، الامر الذي أدى بشكل تدريجي الى اقتناع الساسة الغربيين بعدم جدوى الاستمرار العسكري في العراق. وقد عملت الظروف لصالح المالكي، فكان غياب توني بلير عن مسرح السياسة البريطانية عاملا مهما في اضعاف الرغبة البريطانية في الاستمرار في الملف العراقي المثير للجدل الذي بدأه بلير. وكذلك كان لغياب بوش الأثر الكبير على اعادة النظر في سياساته التي ورطت امريكا ليس في العراق فحسب، وأدت الى عزلة امريكا من الناحية العملية. كيف ينظر الآخرون لما يجري في العراق تحت حكم المالكي؟ في محاضرة للبروفيسور تشارلز تريب، استاذ العلوم السياسية بجامعة الدراسات الشرقية والافريقية، القاها الاسبوع الماضي في ندوة دعا اليها نادي الخليج الثقافي. اوضح المحاضر دور رئيس الوزراء الحالي في صياغة الدولة العراقية الجديدة. اما معالم هذه الدولة فتتضح بتحليل الاطروحات السياسية للمالكي
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
فهناك ما يسميها الدولة الظاهرة ودولة الظل. تتمثل الاولى باجهزة الدولة كالجيش والمخابرات والدوائر التنفيذية، بينما يساهم في تكوين دولة الظل عدد من الوجودات مثل التركيبة العشائرية والولاءات الحزبية والانتماءات العرقية او المذهبية. فبعد سقوط نظام صدام حسين لجأ المواطنون الى مراكز القوى في دولة الظل، فلاذوا بالعشيرة او الحزب او المذهب. ونجم عن ذلك ظهور النزعة الطائفية التي ادت الى صراعات دموية كادت تتحول الى حرب شاملة. ولم يستطع الامريكيون والبريطانيون التعاطي مع مراكز القوى هذه، فنجم عن ذلك فشل في بناء دولة جديدة على انقاض الدولة السابقة. وتشعبت الولاءات والانتماءات، الى ما قبل ثمانية عشر شهرا عندما ظهرت المعالم الاولى لدولة مركزية في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق. فحتى ذلك الوقت كان على المالكي التعاطي مع ملفات ضخمة تتجاوز قدراته الشخصية: فالحرب الأهلية كانت هائجة، وأعمال العنف متصاعدة بدون حدود. وعندما بدأ البعض بطرح المشروع الفيدرالي للعراق، بدا واضحا ان رئيس الوزراء معارض لذلك المشروع وانه يعمل لاقامة دولة مركزية قوية يعتبرها المدخل لحل الكثير من مشاكل العراق خصوصا الحفاظ على وحدته. كان معارضا للفيدرالية، ولذلك طرح نظام المحافظات بديلا، لان النظام الفيدرالي سيؤدي الى اضعاف السلطة المركزية.
كان على خلاف مع الاكراد والمجلس الاعلى العراقي اللذين كانا يروجان للمشروع الفيدرالي بقوة. ووفقا لتحليل البروفيسور تريب، فقد وجد المالكي نفسه مضطرا لتشكيل 'دولة الظل' الخاصة به كوسيلة لدعم الدولة الرسمية، فتدخل لاعادة تشكيل وزارة الداخلية وأبعد الكثير من العناصر المتهمة بسوء استغلال المناصب. واصبح منصب 'القائد العام' قويا، واصبح يدير شؤون فرقتين مهمتين: لواء بغداد وقوات مكافحة الارهاب. وهكذا أصبح لدى رئيس الوزراء امكانات عسكرية لم تتوفر له من قبل. وفي العام الماضي استعمل هذه القوات في اربع معارك اساسية: ففي الربيع استعملها ضد جيش المهدي في البصرة وسيطر على الجنوب، وفي آيار (مايو)- حزيران (يونيو) استعملها في مدينة الصدر، ثم في خانقين لابعاد الاكراد عنها. واهتم المالكي بتشكيل جهاز مخابرات قوي فأنشأ وزارة الامن الوطني، ويسعى من خلال مكتب خاص ملحق برئاسة الوزراء للتأكد من فاعلية جهاز الامن والاستخبارات.
وأعقب ذلك الانتخابات المحلية في مطلع هذا العام، التي حقق فيها 'ائتلاف دولة القانون' المحسوب على المالكي فوزا كبيرا. وكما ألمح المالكي في خطابه بالعاصمة البريطانية، فانه سيخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بشكل مختلف عن الانتخابات السابقة، على غرار ما فعل في الانتخابات المحلية الاخيرة.
مع ذلك يبقى الوجود العسكري الاجنبي على الاراضي العراقية عامل توتر لا يخدم الاستقرار. ومع انسحاب اغلب القوات البريطانية في الاسابيع المقبلة، ستكون القوات الامريكية في وضع صعب خصوصا مع تغير المزاج الامريكي في حقبة ما بعد بوش.
ويدرك المالكي ان هذا الوجود يعوق بناء الدولة، ولذلك سعى، وفق قناعاته، للتعجيل بخروج تلك القوات. وحاولت واشنطن استباق ذلك بتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع العراق، والضغط على حكومة المالكي لتوقيعها في فترة وجيزة. ولكنه تمكن، بسياسات التأجيل والضغط وإبداء التردد من إفراغ تلك الاتفاقية من المحتوى. فقد اضطرت واشنطن لتوقيع الاتفاقية المفرغة على مضض لعدم وجود بديل امامها. فالاتفاقية في نصها الاخير تختلف جوهريا عن المسودة الاساسية، فلم تعد تعطي الولايات المتحدة حق السيطرة على الاجواء العراقية او الحصانة للجنود الامريكيين او الاحتفاظ بقواعد عسكرية في المستقبل.
ويبدو للمراقبين ان هناك سيرا حثيثا من جانب العراق نحو التخلص عمليا من الاحتلال في غضون العامين المقبلين. وربما تراهن واشنطن على بعض المكاسب الانتخابية بدعم بعض المحسوبين عليها، ولكن اصبح واضحا ان تجربة العراق اصبحت قاسية ومرة، وعاملا مهما في إضعاف الوجود السياسي لرموز تيار المحافظين الجدد مثل تشيني ورامسفلد. وشيئا فشيئا يتضح ان العراق، بدلا من ان يتحول الى قاعدة امريكية متقدمة، اصبح يمثل مشكلة كبرى، فهو يستنزف امريكا بشريا واقتصاديا. ويذهب بعض المحللين لطرح حرب العراق كأحد العوامل التي ادت الى الازمة الاقتصادية في امريكا والعالم. وقد استفاد المالكي من التململ لدى الرأي العام العالمي خصوصا الامريكي والبريطاني ازاء التدخلات والحرب، فعمل ليس لتثبيت سلطته فحسب، بل لبسط افكاره ورؤاه على مستقبل العراق. فالطرح الفيدرالي لم يعد مقبولا، ولم يوقع قانون النفط المثير للجدل، وأفرغت الاتفاقية الامنية مع امريكا من محتواها. وذهب المالكي خطوة ابعد، فأصبح الآن ينتقد المشروع السياسي الذي فرضه الامريكيون على العراق، القائم على أساس المحاصصة. ولدى سؤال عن مدى استعداده لتقديم تنازلات سياسية للمجموعات التي ترفع السلاح بحق الدولة قال بشكل واضح وصريح: 'ليست هناك تنازلات على مستوى الحكومة، وصندوق الاقتراع هو صاحب القرار'. وربما القرار الاخطر الذي اتخذه المالكي في الفترة الاخيرة يتمثل بالاستعداد لطي صفحة الماضي، والتفاوض مع الذين انتموا سابقا لحزب البعث ممن لم يرتكب اعمال قتل او تعذيب، والتخلي عن القانون الذي طرحه الامريكيون في البداية الذي أطلقوا عليه 'قانون اجتثاث البعث'. ولم يخف الامريكيون امتعاضهم من المالكي بسبب مواقفه خلال العدوان الاسرائيلي ضد غزة. فقد دعا المالكي الدول التي تقيم علاقات مع 'اسرائيل' لقطع تلك العلاقات، ورفض حضور العراق قمة 'دول الاعتدال' الذي عقد في ابوظبي في ذروة الازمة، بينما حضر قمة الدوحة التي قاطعتها مصر والسعودية. وبذلك حاول المالكي الايحاء بانه قادر على اتخاذ القرار الذي يناسب بلده وحكومته بعيدا عن املاءات الآخرين. وفي الاسبوع الماضي بدأت ملامح جديدة لقيادة المالكي، من بينها التخلص من تركة الاحتلال وذلك بالاستغناء عن خدمات بعض الذين تم تعيينهم في ذروة الهيمنة الامريكية على العراق، واحالتهم على التقاعد، او الغاء المناصب التي كانوا فيها. ومثل تلك الخطوة يعتبر تطورا كبيرا في بلد ما يزال يخضع للابتزاز بتحريك المخاطر الامنية والتفجيرات العبثية التي تستهدف المواطنين وتتجاهل المحتلين.
كان على خلاف مع الاكراد والمجلس الاعلى العراقي اللذين كانا يروجان للمشروع الفيدرالي بقوة. ووفقا لتحليل البروفيسور تريب، فقد وجد المالكي نفسه مضطرا لتشكيل 'دولة الظل' الخاصة به كوسيلة لدعم الدولة الرسمية، فتدخل لاعادة تشكيل وزارة الداخلية وأبعد الكثير من العناصر المتهمة بسوء استغلال المناصب. واصبح منصب 'القائد العام' قويا، واصبح يدير شؤون فرقتين مهمتين: لواء بغداد وقوات مكافحة الارهاب. وهكذا أصبح لدى رئيس الوزراء امكانات عسكرية لم تتوفر له من قبل. وفي العام الماضي استعمل هذه القوات في اربع معارك اساسية: ففي الربيع استعملها ضد جيش المهدي في البصرة وسيطر على الجنوب، وفي آيار (مايو)- حزيران (يونيو) استعملها في مدينة الصدر، ثم في خانقين لابعاد الاكراد عنها. واهتم المالكي بتشكيل جهاز مخابرات قوي فأنشأ وزارة الامن الوطني، ويسعى من خلال مكتب خاص ملحق برئاسة الوزراء للتأكد من فاعلية جهاز الامن والاستخبارات.
وأعقب ذلك الانتخابات المحلية في مطلع هذا العام، التي حقق فيها 'ائتلاف دولة القانون' المحسوب على المالكي فوزا كبيرا. وكما ألمح المالكي في خطابه بالعاصمة البريطانية، فانه سيخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بشكل مختلف عن الانتخابات السابقة، على غرار ما فعل في الانتخابات المحلية الاخيرة.
مع ذلك يبقى الوجود العسكري الاجنبي على الاراضي العراقية عامل توتر لا يخدم الاستقرار. ومع انسحاب اغلب القوات البريطانية في الاسابيع المقبلة، ستكون القوات الامريكية في وضع صعب خصوصا مع تغير المزاج الامريكي في حقبة ما بعد بوش.
ويدرك المالكي ان هذا الوجود يعوق بناء الدولة، ولذلك سعى، وفق قناعاته، للتعجيل بخروج تلك القوات. وحاولت واشنطن استباق ذلك بتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع العراق، والضغط على حكومة المالكي لتوقيعها في فترة وجيزة. ولكنه تمكن، بسياسات التأجيل والضغط وإبداء التردد من إفراغ تلك الاتفاقية من المحتوى. فقد اضطرت واشنطن لتوقيع الاتفاقية المفرغة على مضض لعدم وجود بديل امامها. فالاتفاقية في نصها الاخير تختلف جوهريا عن المسودة الاساسية، فلم تعد تعطي الولايات المتحدة حق السيطرة على الاجواء العراقية او الحصانة للجنود الامريكيين او الاحتفاظ بقواعد عسكرية في المستقبل.
ويبدو للمراقبين ان هناك سيرا حثيثا من جانب العراق نحو التخلص عمليا من الاحتلال في غضون العامين المقبلين. وربما تراهن واشنطن على بعض المكاسب الانتخابية بدعم بعض المحسوبين عليها، ولكن اصبح واضحا ان تجربة العراق اصبحت قاسية ومرة، وعاملا مهما في إضعاف الوجود السياسي لرموز تيار المحافظين الجدد مثل تشيني ورامسفلد. وشيئا فشيئا يتضح ان العراق، بدلا من ان يتحول الى قاعدة امريكية متقدمة، اصبح يمثل مشكلة كبرى، فهو يستنزف امريكا بشريا واقتصاديا. ويذهب بعض المحللين لطرح حرب العراق كأحد العوامل التي ادت الى الازمة الاقتصادية في امريكا والعالم. وقد استفاد المالكي من التململ لدى الرأي العام العالمي خصوصا الامريكي والبريطاني ازاء التدخلات والحرب، فعمل ليس لتثبيت سلطته فحسب، بل لبسط افكاره ورؤاه على مستقبل العراق. فالطرح الفيدرالي لم يعد مقبولا، ولم يوقع قانون النفط المثير للجدل، وأفرغت الاتفاقية الامنية مع امريكا من محتواها. وذهب المالكي خطوة ابعد، فأصبح الآن ينتقد المشروع السياسي الذي فرضه الامريكيون على العراق، القائم على أساس المحاصصة. ولدى سؤال عن مدى استعداده لتقديم تنازلات سياسية للمجموعات التي ترفع السلاح بحق الدولة قال بشكل واضح وصريح: 'ليست هناك تنازلات على مستوى الحكومة، وصندوق الاقتراع هو صاحب القرار'. وربما القرار الاخطر الذي اتخذه المالكي في الفترة الاخيرة يتمثل بالاستعداد لطي صفحة الماضي، والتفاوض مع الذين انتموا سابقا لحزب البعث ممن لم يرتكب اعمال قتل او تعذيب، والتخلي عن القانون الذي طرحه الامريكيون في البداية الذي أطلقوا عليه 'قانون اجتثاث البعث'. ولم يخف الامريكيون امتعاضهم من المالكي بسبب مواقفه خلال العدوان الاسرائيلي ضد غزة. فقد دعا المالكي الدول التي تقيم علاقات مع 'اسرائيل' لقطع تلك العلاقات، ورفض حضور العراق قمة 'دول الاعتدال' الذي عقد في ابوظبي في ذروة الازمة، بينما حضر قمة الدوحة التي قاطعتها مصر والسعودية. وبذلك حاول المالكي الايحاء بانه قادر على اتخاذ القرار الذي يناسب بلده وحكومته بعيدا عن املاءات الآخرين. وفي الاسبوع الماضي بدأت ملامح جديدة لقيادة المالكي، من بينها التخلص من تركة الاحتلال وذلك بالاستغناء عن خدمات بعض الذين تم تعيينهم في ذروة الهيمنة الامريكية على العراق، واحالتهم على التقاعد، او الغاء المناصب التي كانوا فيها. ومثل تلك الخطوة يعتبر تطورا كبيرا في بلد ما يزال يخضع للابتزاز بتحريك المخاطر الامنية والتفجيرات العبثية التي تستهدف المواطنين وتتجاهل المحتلين.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
الوضع العراقي مرشح للمزيد من التطورات، وربما الاهم من ذلك انه بانتظار ظهور رموز وقيادات جديدة بديلة للقيادات التقليدية التي هيمنت على الوضع السياسي في السنوات الست الاخيرة. ومن المؤكد ان بناء الدولة العراقية الجديدة يتطلب قيادة قوية، الى جانب تمتع العراق بسيادته وخروج القوات الاجنبية من اراضيه. البعض يعتقد انه صراع مع الزمن، والآخر يقول انه صراع مع الآخر، وثالث يعتبره صراعا مع الذات. والسؤال هنا: هل يكفي ان يكون المالكي قائدا قويا لتحقيق رؤاه وتطلعاته وتنفيذ مشروعه؟ الملاحظ ان رئيس الوزراء لا يستند الى فريق قيادي قوي من مستشاريه ومعاونيه، خصوصا في ظل نظام المحاصصة السياسية، ولكنه يحظى بشعبية معقولة نظرا لقدرته على مخاطبة المواطن العراقي العادي، وتمتعه بقدر كبير من النزاهة. ان بناء الدولة يحتاج الى تضافر قوى من كافة الاتجاهات والانتماءات، خصوصا في العراق ذي الألوان السياسية والفكرية والعرقية والدينية الكثيرة. كما يحتاج الى ارادة تغيير راسخة لدى الرموز المتقدمة فيه. العراق مرشح للاستقرار بشرط تخلصه من الاحتلال اولا، وتصالحه مع نفسه ثانيا، وتحكيم الدستور واحترامه ثالثا. انها متطلبات قد تبدو صعبة، خصوصا مع استمرار حالة الضبابية في تحديد الهوية العراقية، ومسألة التصالح والجدل الدستوري المتواصل، ولكنها ضرورية لاقامة حكم مركزي دستوري مستقل، يستمد قوته من شرعيته الشعبية، ويضع خطا مع ماضيه القريب الذي هيمن عليه الاحتلال والعنف الطائفي والفساد المالي، او الفترة التي سبقته خلال حكم الحزب الواحد.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
ميرسي جانيستا علي المجهود الرائع
دودو- عضو متميز
-
عدد الرسائل : 4345
العمر : 35
نقاط : 3124
تاريخ التسجيل : 02/02/2009
رد: العراق امام معوقات بناء الدولة الحديثة
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» 3 خيارات امام اوباما للانسحاب من العراق
» تركيا تفتح قواعدها امام الاميركيين في اطار الانسحاب من العراق
» الهاشمي: معوقات تحول دون تقدم العلاقات العراقية العربية
» فساتين جديدة للمرأة الحديثة
» عرض الأزياء الحديثة الأسبانية لصيف2009
» تركيا تفتح قواعدها امام الاميركيين في اطار الانسحاب من العراق
» الهاشمي: معوقات تحول دون تقدم العلاقات العراقية العربية
» فساتين جديدة للمرأة الحديثة
» عرض الأزياء الحديثة الأسبانية لصيف2009
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome