حماس... عفوا

من طرف **دودو** الجمعة أبريل 10, 2009 7:38 am

قبل ان اقول لماذا عفواً حماس لا بد من القول انني عندما اقول عفوا حماس لا يعني ذلك بالطبع انني انتمي الى فتح او انني من مؤيدي فتح مع احترامي العميق لهذه الحركة الثورية العظيمة الا انه بحكم الجغرافية والزمن والاحداث لم يتسن لي ان اتواصل مع فتح او ان يكون لي اي ارتباط بها بل اكاد اكون في الموقف السياسي من مؤيدي حركة حماس فقد خضت معركتي الاعلامية الداعمة لغزة على هواء قناة العالم عبر اكثر من تسعين حلقة يومية قبل العدوان وبعده ما حدا بحركة حماس ارسال كتاب شكر وتقدير وثناء لهذا الجهد ..
واذ اقول اليوم عفوا حماس فانني ازعم انني امثل عشرات الشبان الفلسطينيين الذين اتواصل معهم في الشتات والذين صفقوا لحماس واليوم بدأت تنطق شفاههم بـ'عفوا حماس'..
ولا بد من هذه المقدمة كي لا يضع احد انتقادي لحركة حماس في اطار اي اصطفاف تنظيمي او موقف سياسي مسبق. واذ اقول لحماس عفوا اورد الاسباب التي استدعت هذه الوقفة الناقدة لا الحاقدة.
اولا: كان المستغرب جدا ان يقول المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم على احدى الفضائيات بتاريخ 7-4-2009 في معرض رده على سؤال عن زيارة وفد حركة فتح الى غزة التالي (ان حركة فتح قدمت طلبا لنا في القاهرة لزيارة القطاع ونحن احلنا الطلب الى الحكومة لدراسته وكان الرد ايجابيا وحصلت الزيارة). فهل اصبح يحتاج ابناء الشعب الفلسطيني وهم جميعهم تحت الاحتلال الى موافقة اخوتهم لدخول غزة وهل اصبحت غزة دولة مثل بريطانيا تحتاج الطلبات للدخول اليها الى دراسة من قبل الحكومة وهل ينقصنا كفلسطينيين تحت الاحتلال او كعرب مزيدا من الحواجز والحدود والموافقات.
ثانيا: كان لافتا للكثيرين وخاصة منهم ابناء الشعب الفلسطيني بمثقفيه وطلابه واعلامييه وحتى الناس العاديين ان احتفالات حركة حماس تخلو او يندر فيها رفع العلم الفلسطيني رمز وحدة الشعب وهذا ما كان واضحا في مهرجان الحركة قبل العدوان بفترة وجيزة حيث لم ترصد عدسات الكاميرات التي كانت تنقل الحدث على امتداد المكان اي علم فلسطيني بينما كانت تغطي المكان غابة من رايات حماس الخضراء .. اننا نحب اخضرار حماس ولكن الاخضر جزء من علمنا الجامع المتعدد الالوان.
ثالثا: ان بداية العدوان كانت مفاجئة لحماس ما ازهق ارواحا طاهرة كثيرة ولم تكن الحركة مستعدة بل كانت مربكة ومتفاجئة رغم ان كل المؤشرات كانت تدل بشكل واضح على ان اسرائيل تحضر لمجزرة وانا شخصيا في برنامجي 'غزة تحت الحصار' على فضائية العالم قبل العدوان بايام وكنت استضيف د. اسماعيل رضوان القيادي في حماس قلت في المقدمة ان اسرائيل تحضر لمجزرة وان دماء كثيرة سوف تسيل على ارض غزة وكذلك تحدثت تقارير صحافية كثيره عن قرب العدوان وكانت هناك تصريحات نارية لقادة اسرائيل تنذر بذلك.. وبدلا من تحمل المسؤولية والمحاسبة والمراجعة ألقت الحركة باللوم على القاهرة انها طمأنتها ان العدوان لن يحصل وكأن اسرائيل استشارت القاهرة سابقا عندما اغتالت الشهيد الكبير احمد ياسين او عبد العزيز الرنتيسي او اسماعيل ابو شنب رحمهم الله جميعا. وكيف تركن حركة مسؤولة عن مؤسسات وشعب ومقاومة محاصرين ومهددين من قبل اسرائيل الى مجرد تطمينات وكأنها ما خبرت اسرائيل سابقا.
رابعا: ومن خلال متابعتي لتصريحات قادة حماس بعد العدوان كان التركيز على النصر ولأنها اي حماس خرجت منتصرة قوية ارادت استثمار ذلك سياسيا من خلال محاولتها اخذ الدور الريادي في الحركة الوطنية والحصول على اكبر مكاسب سياسية داخليا والبعض من قادة حماس صور نصر غزة باعتباره انبلاج فجر جديد وبداية مشروع وطني فلسطيني يعيد الاعتبار للسلاح الفلسطيني كجزء اساسي في معركة التحرير .. وان كان هناك على الساحة الفلسطينية من يرى خلاف ذلك ومبرراته هي ان حماس كبلت نفسها بتفاهمات وتهدئات ضمن خط القاهره تل ابيب لن تستطيع بعدها ان تطلق رصاصة من غزة دون محاسبة من الاطراف المعنية بهذه التفاهمات الا انني لا اميل لذلك بل على الجميع ان يقر ان الحركة انتصرت وهزمت اسرائيل وصمدت وتحملت .. ولكن برغم ذلك لا يجوز لحماس ان تصور الانتصار على انه النقطة المضيئة الوحيدة والمعجرة على حد قول احد قادتها فهذا الانتصار ليس يتيما هو جزء من سلسلة انتصارات وانكسارات عاشها الشعب الفلسطيني منذ اكثر من ستين عاما وهو لا يزيد من حيث الاهمية العسكرية والسياسية ومعجزة الارادات عن معركة الكرامة مثلا او الصمود في بيروت العام 1982 وهناك امثلة كثيرة سطرها الشعب الفلسطيني بدماء ابنائه من كل التيارات القومية واليسارية والاسلامية.

من طرف **دودو** الجمعة أبريل 10, 2009 7:39 am

خامسا: ترتكب حركة حماس اخطاء استراتيجية في العلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية اذ ان حماس تبدو احيانا انها تتبرأ من العلاقة مع ايران ويقول البعض في ساحتها انه لو تلقت الحركة دعما عربيا لاستغنت عن الدعم الايراني .. كما ظهرت حماس بصورة المستجدي في قضية حجاج غزة عندما رفعت صور العاهل السعودي الملك عبد الله على معبر رفح واشاد به قياديوها وناشدوه بينما كانت العلاقات السعودية الايرانية تسوء بسبب دفاع ايران عن قضية الحجاج وانتقادهم بشكل لاذع التصرف السعودي المصري في قضية الحصار عموما. وهناك امثلة كثيرة.
كما اننا كنا نتوقع من حماس ان تسمح للحجاج الذين حصلوا على تأشيرات خروج بالعبور من المعبر في اللحظة الاخيرة وعدم اتباع سياسة (عليّ وعلى اعدائي) اذ انهم بهذا الشكل شاركوا باقي الاطراف بمنع اناس لا ذنب لهم من أداء ركن اساسي من اركان الاسلام وبقي الفلسطيني يستجدي على المعبر بينما كان كل الناس من كل اصقاع الارض ومن كل الجنسيات يطوفون بمكة بمشهد ذل لا يمحى من ذاكرتي حتى اصبح تحت التراب.
سادسا: بينما كانت الجماهير العربية على امتداد العالم تهتف للمقاومة منتقدة مصر لاغلاقها المعبر رغم الحالة الانسانية الكارثية في قطاع غزة اثناء العدوان وبينما كان الاعلام الحر والمثقفون العرب يوجهون انتقادا لاذعا للقاهرة ويضغطون باتجاه وقف العدوان وفتح المعبر توجه فجأة وفد حماس الى القاهرة لبحث التهدئة فلماذا؟؟؟ طالما ان اسرائيل اوقفت النار من جانب واحد والفصائل في بيان مشترك من دمشق اعلنت وقف اطلاق النار ايضا من جانب واحد لماذا؟؟ ذهبت حماس ضاربة مشاعر الجماهير العربية الحانقة على الموقف المصري عرض الحائط متجهة باتجاه تهدئة معلنة لم تحصل عليها حتى اللحظة ومبررها الاضطرار بحكم الجغرافيا وهذا التبرير غير مقبول لانه وفقه نستطيع ان نعطي محمود عباس نفس الحق في التعامل مع اسرائيل او الرباعية الدولية..
عفوا حماس ولكن الأخطاء كثيرة وان كنت لم اوردها كاملة والمراجعة واجبة والالتفات الى الجماهير الفقيرة ومخيمات اللاجئين التي طلعتم منها مهمة وان كنتم مشغولين بالمقاعد والانتخابات والسلطة والوزارات.. تعودنا عليكم الان بربطات العنق والبدلات الفاخرة التي فاجأتنا بظهورها على اجسادكم بعد فوزكم بالانتخابات مباشرة ولكنكم اجمل بالكوفية والبدلات العسكرية والقمصان المشمرة..