المواضيع الأخيرة
بحـث
نقطة الصفر
+3
hanadi
دودو
janesta
7 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
نقطة الصفر
مدت بصرها إلى البعيد.. إلى حيث تصطدم الهضاب بالأفق المقفر..
إلى تلك النقطة.. التي تلاقت بها الروابي السمر مع زرقة السماء المختفية خلف تلال أشحبها غبار المدينة.
من حاضرها المضطرب بدأت تناجي ماضيها.. وقد عصمت عينيها عن رؤية المستقبل.
المجهول.. يختفي خلف هذا الأفق المتعرج، الذي رسمته التلال الصاعدة والهابطة دون أي نظام.
مشاعر متضاربة ومتفاوتة في الشدة، تركها في صدرها هذا اليوم الشتوي المعربد.
الغيوم السودا، تبشر بليلة ممطرة.. والجبال الجرداء تستجدي منابع الغيث أن تأتي.
غرقت وحدها في لحظات الدفء.. وأنستها الراحة، التي تنعم بها للحظات هموم الحياة.
الريح الحرون، هزت أشرعة النوافذ، ولسعت وجوه المارة بفيض برودتها.
تساءلت باسترخاء: أيستطيع الإنسان أن يحيا بمعزل عن الآخرين؟؟ ولكن تعبها الأصم أسكتها، وكبّل حركاتها تاركاً سؤالها بلا جواب. الأيام الطويلة التي عاشتها، فتحت عينيها على أمور كثيرة لم تتبينها من قبل.
ازدادت الرياح شدة، فطردت السحاب، بعد أن نهشته وشتتته ومزقت خيوطه.. فتلاشى دون أن يخلف وراءه شيئاً من المطر.
غضبت وهي ترى العاصفة تقضي على كل شيء.. تدمر وتخرب، وتترك الأرض ظامئة.
الدفء الحنون، أعادها من جديد إلى سكينتها.. فاكتفت بمراقبة الكون من خلال النافذة العريضة الممتدة أمام ناظريها.
منذ مدة طويلة.. لم تعد الأحداث تعنيها، وكأنها مسافرة في قطار سريع.. تطل عبر النافذة إلى المشاهد المتتابعة بسرعة عجيبة.. يصعب معها تحليل ما ترى.. وسرعة القطار تجعلها ترى الأشياء متشابهة.. متعاقبة.. مكرورة.. لا يحمل أحدها، ما يثير الدهشة، أو يرضي الظمأ إلى شيء جديد..
أسعدها دور المراقبة المحايدة.. تمثله على مسرح الحياة..
ترى، وتلمح، وتلاحظ.. ولكنها لا تحاول أن تتعمق في الأمور لتصل إلى مغزى الوجود.
فهي تأخذ ما يأتي- كما هو عليه دون الدخول في التفاصيل، كمن يرى الحياة معروضة على شاشة "تلفاز" لا يملك جهازه.. بل يراقب ما يجري من خلال نافذة كبيرة، تفصل بينه وبين جيرانه.
ارتاحت لهذا الدور المسلي.. فبدت مستسلمة تملؤها الغبطة وقد عقدت مصالحة مؤقتة بينها وبين العالم.
لن يدفع بها حب الاستطلاع من جديد إلى استجلاء مضامين الأحداث.
سنوات طويلة مشحونة بالأحداث الغريبة عاشتها وكانت كافية لرفع الأسوار بينها وبين العالم الخارجي..
لذا.. أصرت على أن تضيف في كل صباح سوراً جديداً.. حتى غدت بعيدة عما يحدث في المجتمع، ولكن.. هل حققت سعادتها؟
تركت هذا السؤال معلقاً في الفراغ.. لا يلقى جواباً.. فالجواب بحاجة إلى إعمال الذهن.. وهي حريصة على ترك رأسها في حالة عطالة. فلماذا تفقد دماغها الفوسفور المختزن فيه؟
نعم.. ستوفر هذا الفوسفور إلى الأوقات العصيبة.. وربما لن تأتي تلك الأوقات أبداً..
وحين حاول الشك أن يتسلل إلى روحها.. أمسكت بيدها سوطاً، وهوت به علىجسده الشوكي، فطردته قبل أن يتسلل إلى مخدعها.. استمرت في مقاومتها، فاغتالت القلق.. فبيتها لا يتسع لتلك المشاعر السلبية.
امتلأ رأسها بالاستسلام والاطمئنان.. واحتفظت بظل ابتسامة على شفتيها الرقيقتين.
ولكن سؤالاً خبيثا فاجأها..
هل أصبحت قدرية إلى هذا الحد؟؟
وجاء الجواب على هذا السؤال سريعاً لا يحتاج لأي عناء:
-نعم.. صرت قدرية.. أدركت تلك الحقيقة قبل سنوات، وأحست أنها تأخرت في معرفة هذه الحقيقة.. التي انجلت أمامها بوضوح، حين تأملت حياتها الماضية فوجدت -ولسوء الحظ- أنها لم تختر شيئاً من هذه الحياة.
كانت تجد نفسها في كل مرة أمام مفارق الطرق.. وفي كل مرة كانت تشعر بأيد خفية تسحبها صاغرة، وتمضي بها إلى حيث تشاء..
همست لنفسها من جديد: يا ترى.. لو رجعت إلى نقطة الصفر.. ماذا كنت سأختار؟؟
وجاءها الجواب لا لبس فيه ولا غموض..
سأرفض كلّ ما مرّ بي.. نعم سأرفضه بكل ما فيه.. بنيت حياتي على أوهام كاذبة.. كأجنة خارج الأرحام.. من اللاحقيقة صنعت بيتاً.. وأنجبت أطفالاً، وها أنذا.. أعانق الوحدة والاغتراب..
هاجمتها قوة جديدة.. انتزعت نفسها من أحضان غطائها الصوفي الناعم.
قاست بقدميها الحافيتين ممرات البيت جيئة وذهاباً.. هزتها ثورة غضب واحتجاج.. أشعلت كل ما سكن في روحها من مواجع.
لم تجد أمامها مخرجاً سوى ارتداء ملابسها بسرعة جنونية، غادرت المنزل، وقد غطت عنقها النحيل وأعلى كتفيها بغطاء سميك.. حملت معها مظلتها السوداء.. وهرولت في الدرب وهي تحمل همومها، ونوبات جنونها إلى حيث يتواجد الآخرون.
إلى تلك النقطة.. التي تلاقت بها الروابي السمر مع زرقة السماء المختفية خلف تلال أشحبها غبار المدينة.
من حاضرها المضطرب بدأت تناجي ماضيها.. وقد عصمت عينيها عن رؤية المستقبل.
المجهول.. يختفي خلف هذا الأفق المتعرج، الذي رسمته التلال الصاعدة والهابطة دون أي نظام.
مشاعر متضاربة ومتفاوتة في الشدة، تركها في صدرها هذا اليوم الشتوي المعربد.
الغيوم السودا، تبشر بليلة ممطرة.. والجبال الجرداء تستجدي منابع الغيث أن تأتي.
غرقت وحدها في لحظات الدفء.. وأنستها الراحة، التي تنعم بها للحظات هموم الحياة.
الريح الحرون، هزت أشرعة النوافذ، ولسعت وجوه المارة بفيض برودتها.
تساءلت باسترخاء: أيستطيع الإنسان أن يحيا بمعزل عن الآخرين؟؟ ولكن تعبها الأصم أسكتها، وكبّل حركاتها تاركاً سؤالها بلا جواب. الأيام الطويلة التي عاشتها، فتحت عينيها على أمور كثيرة لم تتبينها من قبل.
ازدادت الرياح شدة، فطردت السحاب، بعد أن نهشته وشتتته ومزقت خيوطه.. فتلاشى دون أن يخلف وراءه شيئاً من المطر.
غضبت وهي ترى العاصفة تقضي على كل شيء.. تدمر وتخرب، وتترك الأرض ظامئة.
الدفء الحنون، أعادها من جديد إلى سكينتها.. فاكتفت بمراقبة الكون من خلال النافذة العريضة الممتدة أمام ناظريها.
منذ مدة طويلة.. لم تعد الأحداث تعنيها، وكأنها مسافرة في قطار سريع.. تطل عبر النافذة إلى المشاهد المتتابعة بسرعة عجيبة.. يصعب معها تحليل ما ترى.. وسرعة القطار تجعلها ترى الأشياء متشابهة.. متعاقبة.. مكرورة.. لا يحمل أحدها، ما يثير الدهشة، أو يرضي الظمأ إلى شيء جديد..
أسعدها دور المراقبة المحايدة.. تمثله على مسرح الحياة..
ترى، وتلمح، وتلاحظ.. ولكنها لا تحاول أن تتعمق في الأمور لتصل إلى مغزى الوجود.
فهي تأخذ ما يأتي- كما هو عليه دون الدخول في التفاصيل، كمن يرى الحياة معروضة على شاشة "تلفاز" لا يملك جهازه.. بل يراقب ما يجري من خلال نافذة كبيرة، تفصل بينه وبين جيرانه.
ارتاحت لهذا الدور المسلي.. فبدت مستسلمة تملؤها الغبطة وقد عقدت مصالحة مؤقتة بينها وبين العالم.
لن يدفع بها حب الاستطلاع من جديد إلى استجلاء مضامين الأحداث.
سنوات طويلة مشحونة بالأحداث الغريبة عاشتها وكانت كافية لرفع الأسوار بينها وبين العالم الخارجي..
لذا.. أصرت على أن تضيف في كل صباح سوراً جديداً.. حتى غدت بعيدة عما يحدث في المجتمع، ولكن.. هل حققت سعادتها؟
تركت هذا السؤال معلقاً في الفراغ.. لا يلقى جواباً.. فالجواب بحاجة إلى إعمال الذهن.. وهي حريصة على ترك رأسها في حالة عطالة. فلماذا تفقد دماغها الفوسفور المختزن فيه؟
نعم.. ستوفر هذا الفوسفور إلى الأوقات العصيبة.. وربما لن تأتي تلك الأوقات أبداً..
وحين حاول الشك أن يتسلل إلى روحها.. أمسكت بيدها سوطاً، وهوت به علىجسده الشوكي، فطردته قبل أن يتسلل إلى مخدعها.. استمرت في مقاومتها، فاغتالت القلق.. فبيتها لا يتسع لتلك المشاعر السلبية.
امتلأ رأسها بالاستسلام والاطمئنان.. واحتفظت بظل ابتسامة على شفتيها الرقيقتين.
ولكن سؤالاً خبيثا فاجأها..
هل أصبحت قدرية إلى هذا الحد؟؟
وجاء الجواب على هذا السؤال سريعاً لا يحتاج لأي عناء:
-نعم.. صرت قدرية.. أدركت تلك الحقيقة قبل سنوات، وأحست أنها تأخرت في معرفة هذه الحقيقة.. التي انجلت أمامها بوضوح، حين تأملت حياتها الماضية فوجدت -ولسوء الحظ- أنها لم تختر شيئاً من هذه الحياة.
كانت تجد نفسها في كل مرة أمام مفارق الطرق.. وفي كل مرة كانت تشعر بأيد خفية تسحبها صاغرة، وتمضي بها إلى حيث تشاء..
همست لنفسها من جديد: يا ترى.. لو رجعت إلى نقطة الصفر.. ماذا كنت سأختار؟؟
وجاءها الجواب لا لبس فيه ولا غموض..
سأرفض كلّ ما مرّ بي.. نعم سأرفضه بكل ما فيه.. بنيت حياتي على أوهام كاذبة.. كأجنة خارج الأرحام.. من اللاحقيقة صنعت بيتاً.. وأنجبت أطفالاً، وها أنذا.. أعانق الوحدة والاغتراب..
هاجمتها قوة جديدة.. انتزعت نفسها من أحضان غطائها الصوفي الناعم.
قاست بقدميها الحافيتين ممرات البيت جيئة وذهاباً.. هزتها ثورة غضب واحتجاج.. أشعلت كل ما سكن في روحها من مواجع.
لم تجد أمامها مخرجاً سوى ارتداء ملابسها بسرعة جنونية، غادرت المنزل، وقد غطت عنقها النحيل وأعلى كتفيها بغطاء سميك.. حملت معها مظلتها السوداء.. وهرولت في الدرب وهي تحمل همومها، ونوبات جنونها إلى حيث يتواجد الآخرون.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: نقطة الصفر
merci elek , qessa 7elweh betechbah ktir men el ness.
kouki- عضــو ممتاز
-
عدد الرسائل : 506
العمر : 104
نقاط : 411
تاريخ التسجيل : 30/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» عباس : لا عودة الى المفاوضات من نقطة الصفر
» نحـو تلاقي العراقيين والفلسطينيين عند نقطة الصفر
» نقطة حوار بين رجل وامرأه
» اعرف نقطة ضعفك تحل مشكلتك
» الحب نقطة العبور للحياه
» نحـو تلاقي العراقيين والفلسطينيين عند نقطة الصفر
» نقطة حوار بين رجل وامرأه
» اعرف نقطة ضعفك تحل مشكلتك
» الحب نقطة العبور للحياه
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome