المواضيع الأخيرة
بحـث
الأوبامي في مصر
2 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
الأوبامي في مصر
لا أعرف إن كنت رويت تلك الطرفة القديمة من قبل، عن ذلك المواطن من دولة شيوعية، الذي سألوه: ماذا تفعل لو تقرر فتح الحدود مع الغرب؟ فقال: أتسلق شجرة!
لم أتمكن من تفادي هذا المثل، طوال أسبوعين من التفكير اليائس، كغيري من المصريين، في ذلك النهار الذي سيزورنا فيه أوباما.
وكانت الصحافة والقنوات الفضائية قد نذرت طواقمها على مدى صباحات وأماس عديدة لرصد تبليط الشوارع وتجديد طلاء أعمدة الإنارة، واستعداد نادي الجزيرة الذي سيغير فيه أوباما الملابس الرسمية بأخرى رياضية لزيارة الهرم بعد الخطاب، وعد النخلات التي زرعت في الساحة أمام مسجد السلطان حسن، وعدد بصلات النجيل التي رممت أماكن الصلع في أحواض حدائق جامعة القاهرة.
وقد نجحت الحكومة في زرع خصلات النجيل في صلعة الجامعة والشوارع المحيطة بها، بينما فشل معارض على شاكلتها من زرع ستين شعرة في رأسه، وقد وجدت برامج التوك شو والصحف المساحات اللازمة لمناقشة قضية أيمن نور الذي قال للصحافة إن أحدهم اعتدى عليه بمادة حارقة أكلت شعر مقدم رأسه، لكن التحقيقات أثبتت أنه عندما ذهب إلى المستشفى المتخصص لم يكن يعاني من أية حروق، وأن الشروع في الزرع، ربما كان له علاقة بزيارة أوباما.
هذه المتابعة الإعلامية الدقيقة لكل شيء، والتوجسات من الشكل المحتمل لشوارع القاهرة، والمعرفة المسبقة بحجم إجراءات الأمن التي يمكن أن تضــــحي بأي شيء في سبيل تأمـــين الضيف، جعلني أتصـــــور أن الحل الأسلم هو تسلق شجرة، وفي مكان بعيد عن القاهرة، لأن تسلق شجرة في القاهرة في تلك الساعات العصبية يمكن أن تضع المرء في مرمى النيران، ويكون الإجراء الاحترازي لصون الكرامة هو نفسه بالذات سبب تبديد الحياة!
هكذا خططت لأكون فوق شجرة نائية بعيداً عن العاصمة نهار الخميس، ورؤية الحدث التاريخي، الذي ستشهده باقي حارات القرية الكونية الواحدة.
وبعيداً عن الخطاب، التاريخي بحق، بعيداً عن التوازنات التي استطاع أوباما أن يضمنها خطابه، بعيداً عن وصاياه ، أو نقاطه السبع، التي تعبر عن نوايا شخص مختلف، يتحلى بالذكاء والتواضع والقدرة على الحلم، ويمكنه أن يعيد للعالم بريق الحلم الأمريكي الذي كادت البوشية تبدده، بعيداً عن كل هذا، شعرت من ذاك المكان النائي الذي اعتصمت به من أرض مصر، لأكثر من مرة بتحركات في فروة الرأس وطقطقة تحت جذور شعري تشبه طقطقة الملح على النار.
الخطاب قطعة من الأدب، عديمة النفع، ليس لعيب في أوباما، ولكن العيب في طبيعة نظم الحكم الحديثة والعتيقة على جانبي الخطاب، فعلى الجانب الأمريكي، ليس أوباما سوى ترس وحيد في ماكينة المؤسسات الأمريكية؛ فهو لا يمتلك سلطات نابليون بونابرت، حتى لو امتلك جسارته، فإنه لا يستطيع أن يقرر وينفذ.
وليت الأمر يتعلق بتروس الماكينة الأمريكية وحدها، بل إن أهم ما نطلبه من أوباما (حل القضية الفلسطينية) لا تقرره أمريكا وحدها، بل الأولوية فيه لإسرائيل، وفي السياسة لا تتخلى أية قوة إنسانية عما بأيديها طواعية أو إحساناً، فما البال بقوة عنصرية؟!
هنا ننتبه فوراً إلى أن المشكلة ليست فحسب في نظام الحكم الديمقراطي الذي حمل أوباما إلى البيت الأبيض، لكنها تكمن من جهة أخرى في نظم الحكم العتيقة التي تظلل الأرض العربية، وتبدد بعتاقتها وبدائيتها إمكانيات نسينا أنها موجودة، وكانت لزيارة أوباما فضيلة التذكير بوجودها.
لدينا تريليونات الدولارات تهدى إهداء لإقالة الرأسمالية الغربية من عثرتها، ولدينا بلاد قديمة بخزون بشري وحضاري، بعضها لقي حتفه، ووعد أوباما بالعمل على استعادته، وبعضها ينتظر.
لكل هذه التعقيدات لن يكون لأوباما وخطابه فائدة ملموسة عربياً، هو مفيد لهذه اللحظة الأمريكية، وسينجح في رفع بعض روث العنصرية الذي لحق بصورتها في العالم. ولهذا فإن الطقطقة في بصيلات شعري، كان مصدرها الاكتشاف المدهش، بأن مصر كبيرة!
نسيت، وربما نسي مصريون كثيرون، مثلي، آلام الاستعداد لزيارة أوباما، وتسامحـــت، وربما تسامحوا مثــــلي، مع كــــل ما يمكن أن يكون إجحــــافاً أمنياً بحقنا، لأن الزيارة أعــادت القاهرة، بوصفها تاريـــخاً ومكانة، بعد أن اختصــــرت مصــــر على مدى سنوات في منتجع شرم الشيخ الذي يشبه إمارة صغيرة.
بصرف النظر عن الأهرامات، تحرك أوباما في مسار لمصر المعاصرة، في ثلاثة أماكن تشهد على صفحات قريبة من تاريخ مصر. قصر القبة الذي بناه الخديو إسماعيل، وسكنه عبدالناصر لنحو شهرين عندما خضعت شقته لإعادة الطلاء واستعجل الشركة المنفذة حتى لا يعتاد أولاده حياة البذخ، لكنه كان المكان الأخير فوق سطح الأرض الذي استراح فيه جثمانه أثناء الترتيب للجنازة قبل أن يواريه الثرى.
وجامع السلطان حسن، الذي ينتمي من بين كل جوامع مصر إلى المدرسة الفرعونية في العمارة، شاهداً على صفحة من تاريخ المماليك، الغرباء الذين كان بعض سلاطينهم أحن على مصر من أبنائها.
ثم جامعة القاهــــرة، المنارة التي بـــدأت منـــذ مائـــة عام بجهود شعبية مع تبـــرع كريم من إحدى سيدات أسرة محمد علي.
بدت القاهرة، في اليوم الأوبامي، مدينة راسخة لا تستحق هذا الإهمال.
لم أتمكن من تفادي هذا المثل، طوال أسبوعين من التفكير اليائس، كغيري من المصريين، في ذلك النهار الذي سيزورنا فيه أوباما.
وكانت الصحافة والقنوات الفضائية قد نذرت طواقمها على مدى صباحات وأماس عديدة لرصد تبليط الشوارع وتجديد طلاء أعمدة الإنارة، واستعداد نادي الجزيرة الذي سيغير فيه أوباما الملابس الرسمية بأخرى رياضية لزيارة الهرم بعد الخطاب، وعد النخلات التي زرعت في الساحة أمام مسجد السلطان حسن، وعدد بصلات النجيل التي رممت أماكن الصلع في أحواض حدائق جامعة القاهرة.
وقد نجحت الحكومة في زرع خصلات النجيل في صلعة الجامعة والشوارع المحيطة بها، بينما فشل معارض على شاكلتها من زرع ستين شعرة في رأسه، وقد وجدت برامج التوك شو والصحف المساحات اللازمة لمناقشة قضية أيمن نور الذي قال للصحافة إن أحدهم اعتدى عليه بمادة حارقة أكلت شعر مقدم رأسه، لكن التحقيقات أثبتت أنه عندما ذهب إلى المستشفى المتخصص لم يكن يعاني من أية حروق، وأن الشروع في الزرع، ربما كان له علاقة بزيارة أوباما.
هذه المتابعة الإعلامية الدقيقة لكل شيء، والتوجسات من الشكل المحتمل لشوارع القاهرة، والمعرفة المسبقة بحجم إجراءات الأمن التي يمكن أن تضــــحي بأي شيء في سبيل تأمـــين الضيف، جعلني أتصـــــور أن الحل الأسلم هو تسلق شجرة، وفي مكان بعيد عن القاهرة، لأن تسلق شجرة في القاهرة في تلك الساعات العصبية يمكن أن تضع المرء في مرمى النيران، ويكون الإجراء الاحترازي لصون الكرامة هو نفسه بالذات سبب تبديد الحياة!
هكذا خططت لأكون فوق شجرة نائية بعيداً عن العاصمة نهار الخميس، ورؤية الحدث التاريخي، الذي ستشهده باقي حارات القرية الكونية الواحدة.
وبعيداً عن الخطاب، التاريخي بحق، بعيداً عن التوازنات التي استطاع أوباما أن يضمنها خطابه، بعيداً عن وصاياه ، أو نقاطه السبع، التي تعبر عن نوايا شخص مختلف، يتحلى بالذكاء والتواضع والقدرة على الحلم، ويمكنه أن يعيد للعالم بريق الحلم الأمريكي الذي كادت البوشية تبدده، بعيداً عن كل هذا، شعرت من ذاك المكان النائي الذي اعتصمت به من أرض مصر، لأكثر من مرة بتحركات في فروة الرأس وطقطقة تحت جذور شعري تشبه طقطقة الملح على النار.
الخطاب قطعة من الأدب، عديمة النفع، ليس لعيب في أوباما، ولكن العيب في طبيعة نظم الحكم الحديثة والعتيقة على جانبي الخطاب، فعلى الجانب الأمريكي، ليس أوباما سوى ترس وحيد في ماكينة المؤسسات الأمريكية؛ فهو لا يمتلك سلطات نابليون بونابرت، حتى لو امتلك جسارته، فإنه لا يستطيع أن يقرر وينفذ.
وليت الأمر يتعلق بتروس الماكينة الأمريكية وحدها، بل إن أهم ما نطلبه من أوباما (حل القضية الفلسطينية) لا تقرره أمريكا وحدها، بل الأولوية فيه لإسرائيل، وفي السياسة لا تتخلى أية قوة إنسانية عما بأيديها طواعية أو إحساناً، فما البال بقوة عنصرية؟!
هنا ننتبه فوراً إلى أن المشكلة ليست فحسب في نظام الحكم الديمقراطي الذي حمل أوباما إلى البيت الأبيض، لكنها تكمن من جهة أخرى في نظم الحكم العتيقة التي تظلل الأرض العربية، وتبدد بعتاقتها وبدائيتها إمكانيات نسينا أنها موجودة، وكانت لزيارة أوباما فضيلة التذكير بوجودها.
لدينا تريليونات الدولارات تهدى إهداء لإقالة الرأسمالية الغربية من عثرتها، ولدينا بلاد قديمة بخزون بشري وحضاري، بعضها لقي حتفه، ووعد أوباما بالعمل على استعادته، وبعضها ينتظر.
لكل هذه التعقيدات لن يكون لأوباما وخطابه فائدة ملموسة عربياً، هو مفيد لهذه اللحظة الأمريكية، وسينجح في رفع بعض روث العنصرية الذي لحق بصورتها في العالم. ولهذا فإن الطقطقة في بصيلات شعري، كان مصدرها الاكتشاف المدهش، بأن مصر كبيرة!
نسيت، وربما نسي مصريون كثيرون، مثلي، آلام الاستعداد لزيارة أوباما، وتسامحـــت، وربما تسامحوا مثــــلي، مع كــــل ما يمكن أن يكون إجحــــافاً أمنياً بحقنا، لأن الزيارة أعــادت القاهرة، بوصفها تاريـــخاً ومكانة، بعد أن اختصــــرت مصــــر على مدى سنوات في منتجع شرم الشيخ الذي يشبه إمارة صغيرة.
بصرف النظر عن الأهرامات، تحرك أوباما في مسار لمصر المعاصرة، في ثلاثة أماكن تشهد على صفحات قريبة من تاريخ مصر. قصر القبة الذي بناه الخديو إسماعيل، وسكنه عبدالناصر لنحو شهرين عندما خضعت شقته لإعادة الطلاء واستعجل الشركة المنفذة حتى لا يعتاد أولاده حياة البذخ، لكنه كان المكان الأخير فوق سطح الأرض الذي استراح فيه جثمانه أثناء الترتيب للجنازة قبل أن يواريه الثرى.
وجامع السلطان حسن، الذي ينتمي من بين كل جوامع مصر إلى المدرسة الفرعونية في العمارة، شاهداً على صفحة من تاريخ المماليك، الغرباء الذين كان بعض سلاطينهم أحن على مصر من أبنائها.
ثم جامعة القاهــــرة، المنارة التي بـــدأت منـــذ مائـــة عام بجهود شعبية مع تبـــرع كريم من إحدى سيدات أسرة محمد علي.
بدت القاهرة، في اليوم الأوبامي، مدينة راسخة لا تستحق هذا الإهمال.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: الأوبامي في مصر
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome