المواضيع الأخيرة
بحـث
ماذا خلف ضباب الأزمة اليمنية؟
2 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
ماذا خلف ضباب الأزمة اليمنية؟
لا أعتقد أن هناك أحدا اليوم لا زال يجهل مدى الأخطار المحدقة باليمن ووحدته، من كل إتجاه، مهددة بكارثة لا أحد يستطيع أن يتصور نتائجها في أقصى حدودها دموية وبشاعتها قبحا، لما وصلت إليه القيم والأخلاق من ذبول وذوبان وتلاش على إمتداد الثلاثة العقود الماضية بفعل ثورة المفاهيم الجديدة التي نشأت مع بروز النظام السياسي القائم إنعكاسا لثقافته التي عمل على ترسيخها وتكريسها طوال كل هذه المدة بكل إمكانيات السلطة والثروة التي يستأثر بها كمكسب أسري مناطقي واضح.
ضمور القيم الوطنية وانحسارها بهذا الشكل المخيف، هي الأزمه الكارثيه التي تصغر أمامها كل الكوارث مهما عظمت والأزمات مهما أشتدت، لأن هذه القيم ببساطة هي الحارس الحقيقي والفعلي لثوابتنا ووحدتنا وأمننا وإستقرارنا وأحلامنا وآمالنا وحاضرنا قبل مستقبلنا.
وبدون هذه القيم لا يمكن تصور مجتمعا صحيحا معافى من أمراضه الأجتماعية المدمرة التي تعبر عن نفسها بصور مختلفة ومتلبسة بشعارات المناطقية والعصبية أحيانا والمذهبية والطائفية أحيانا أخرى، لتنخر المجتمعات من الداخل وتتركها مجوفة عرضة للسقوط في أية لحظة كالذي تجسد في الحالة العراقية عقب إسقاط النظام، رغم ما بذلت من جهود لم تكن موفقة في معالجة مثل هذه الأمراض القاتلة.
أزمة نضوب القيم والأخلاق الإنسانية، لا أزمة نضوب النفط والماء هي أزمتنا الحقيقية الفاجعة التي تهدد مجتمعنا اليمني والتي تهون أمامها الأزمات والمصائب، فمجمتع لا قيم وطنية وأخلاقية تربط أفراده كثوابت يقدسها الجميع، ليس إلا مجموعة من الوحوش الضارية جُمعت في حضيرة واحدة ينهش بعضها بعضا في تراتبية صراعية مميته حتى ينتهي هذا المجتمع عن بكرة أبيه.
فخوفنا اليوم كيمنيين ليس من نضوب النفط مطلقاً، بمقدار خوفنا الحقيقي من نضوب الأخلاق والقيم وٍبروز ثقافة إٍنتهازية أنانية كُرست كمفاهيم يُكافئُ عليها أصحابها وبل وتعد معيارا أساسيا للقبول والحظوة من قبل النظام يُرقى على أساسها أناس ويعزل ويهمل من أجلها أخرون ممن لم يتحلون بها، كمواصفات مطلوبة وضرورية للمرور إلى مربع المرضي عنهم سلطويا.
هذه الحقيقة المرة هي الحقيقة التي لا يمكن نكرانها اليوم، شئنا أم أبينا، ونتائجها اليوم أكثر حضورا ووضوحا على المشهد الوطني من أي وقت مضى، كثمرة طبيعية لمثل هذه الثقافة السلطوية التي تحاصرنا من كل مكان وبأشكال وألوان شتى تتجلى بصراعات مذهبية وطائفية ومناطقية ستلتهم كل شيء في طريقها لا سمح الله مكررة تجارب دموية مريرة وقاسية عاشها مجتمعنا ذات يوم ولا زال يعاني جراءها الكثير بل وحاضرة بقوة في مجتمعنا ومن حولنا وتصيبنا بعض شظاياها بين فينة وأخرى.
ضمور القيم الوطنية وانحسارها بهذا الشكل المخيف، هي الأزمه الكارثيه التي تصغر أمامها كل الكوارث مهما عظمت والأزمات مهما أشتدت، لأن هذه القيم ببساطة هي الحارس الحقيقي والفعلي لثوابتنا ووحدتنا وأمننا وإستقرارنا وأحلامنا وآمالنا وحاضرنا قبل مستقبلنا.
وبدون هذه القيم لا يمكن تصور مجتمعا صحيحا معافى من أمراضه الأجتماعية المدمرة التي تعبر عن نفسها بصور مختلفة ومتلبسة بشعارات المناطقية والعصبية أحيانا والمذهبية والطائفية أحيانا أخرى، لتنخر المجتمعات من الداخل وتتركها مجوفة عرضة للسقوط في أية لحظة كالذي تجسد في الحالة العراقية عقب إسقاط النظام، رغم ما بذلت من جهود لم تكن موفقة في معالجة مثل هذه الأمراض القاتلة.
أزمة نضوب القيم والأخلاق الإنسانية، لا أزمة نضوب النفط والماء هي أزمتنا الحقيقية الفاجعة التي تهدد مجتمعنا اليمني والتي تهون أمامها الأزمات والمصائب، فمجمتع لا قيم وطنية وأخلاقية تربط أفراده كثوابت يقدسها الجميع، ليس إلا مجموعة من الوحوش الضارية جُمعت في حضيرة واحدة ينهش بعضها بعضا في تراتبية صراعية مميته حتى ينتهي هذا المجتمع عن بكرة أبيه.
فخوفنا اليوم كيمنيين ليس من نضوب النفط مطلقاً، بمقدار خوفنا الحقيقي من نضوب الأخلاق والقيم وٍبروز ثقافة إٍنتهازية أنانية كُرست كمفاهيم يُكافئُ عليها أصحابها وبل وتعد معيارا أساسيا للقبول والحظوة من قبل النظام يُرقى على أساسها أناس ويعزل ويهمل من أجلها أخرون ممن لم يتحلون بها، كمواصفات مطلوبة وضرورية للمرور إلى مربع المرضي عنهم سلطويا.
هذه الحقيقة المرة هي الحقيقة التي لا يمكن نكرانها اليوم، شئنا أم أبينا، ونتائجها اليوم أكثر حضورا ووضوحا على المشهد الوطني من أي وقت مضى، كثمرة طبيعية لمثل هذه الثقافة السلطوية التي تحاصرنا من كل مكان وبأشكال وألوان شتى تتجلى بصراعات مذهبية وطائفية ومناطقية ستلتهم كل شيء في طريقها لا سمح الله مكررة تجارب دموية مريرة وقاسية عاشها مجتمعنا ذات يوم ولا زال يعاني جراءها الكثير بل وحاضرة بقوة في مجتمعنا ومن حولنا وتصيبنا بعض شظاياها بين فينة وأخرى.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: ماذا خلف ضباب الأزمة اليمنية؟
ثقافة اللامسؤولية
فواقعنا البائس اليوم هو لا شك نتاج لهذه الثقافة التي قلبت المفاهيم والقيم والموازين رأسا على عقب، إنها ثقافة الفوضى واللامسؤولية، ثقافة اللاقانون، اللاضمير و اللا أخلاق، التي أنعكست بكل هذا الفشل الحاصل اليوم في كل شيء من أصغر أمورنا حتى أكبرها، تاركة هذا الوطن الجميل غابة من الوحوش والثيران المتصارعة.
لقد أسست هذه الثقافة الإنتهازية لجيل كامل من الإنتهازيين والسماسرة تحت مسميات وألقاب عدة تبتدئ بالشيخ وتنتهي بالمثقف والأكاديمي، جيلا ممسوخا مجردا من القيم النبيلة، جيلا لا هم له غير المشاريع الشخصية الصغيرة والأنانية و لو على حساب كل قيم النبل والشرف والرجولة.
لقد دمرت هذه الثقافة الخبيثة كل قيمنا وأخلاقنا، ولم يبق أمام سطوتها وبريقها أي شيء إلا لوثته، لقد لوثوا بثقافتهم هذه أعتى حصون القيم والشرف المنيعة، لقد لوثوا القبيلة آخر معاقل القيم والنبل والرجولة، فأصبحت مسخا آخر لا يؤمن بقيم أو تقاليد و لا أعراف، فأصبح طبيعيا أن تغدو القبيلة جماعة من قاطعي الطرق وناهبي الأراضي في ظل هكذا ثقافة كرست لديهم صوابية ما يفعلون من خلال إسترضائهم لا معاقبتهم مع كل جرم يقترفوه.
ثم نأتي بعد كل هذا التشظي الإجتماعي والتآكل القيمي لنقول ما الذي يحدث؟ وكيف حدث ؟ وإلى أين نحن سائرون؟ متجاهلين من يقف وراء ظهور مثل هذه التصورات والروئ المتخلفه والمنحطة في النظر إلى الدولة والقانون بشيء من الإحتقار والتعالي عدا عن النظر إلى المنصب والوظيفه والمكانه الإجتماعية على أنها حق متوارث تنتقل من الآباء إلى الأبناء دون أي معايير أو شروط.
فضلا عن تكريس مفاهيم أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مفاهيم 'لصوصية' في النظر إلى المال العام وكأنه مكافأة وفرصة منحت لك، وتصوير قيم الأمانة و النزاهة والشرف والرجولة والجدية كأنها مفاهيم بالية وساذجة لا ينبغي الإلتفات لها لكونها لم تعد مطلوبة في مثل هذا العصر الإنتهازي.
بل لا يقف الأمر عند هذا الحد، فكل من يثبت عليه شبهة التحلي بهذه الصفات فإن مصيره لا شك التنحية والعزل والإهمال حتى يغير من مفاهيمه تلك البالية التي لم يعد لها مكان في قاموس الكفاءة السلطوية اليوم.
لقد كرس النظام هذه المفاهيم والتصورات المتخلفة عمدا مع سبق الإصرار والترصد في إطار سعيه إلى تقوية سطوته وسيطرته على المجتمع من خلال خلق ولاءات سلطوية ضيقة ترتكز على التفاني في خدمة النظام وبأي طريقة كانت ولوعلى حساب الشرف و القيم والمبادئ والدين والأخلاق والقانون والدستور، لأن المهم في الأمر كيف أخدم النظام وأحظى برضاه ومباركته.
وهكذا أصبحت كل تلك العاهات اللإخلاقية هي السائدة كقيم رائدة ينبغي التحلي بها كمفاهيم ومواصفات ' لا شعورية' للمرحلة وهي لا شك التي أفرزت كل هذا التشوه في جسم وحدتنا الوطنية وخلقت كل هذه النتوءات غير الطبيعية من المناطقية والجهوية والمذهبية والطائفية - ولا أدل على ذلك بحسب أحد الزملاء - هو خروج وبروز كل ظواهر العنف والصراعات التي ظهرت في مجتمعنا، بإنسلالها من تحت عباءة الحزب الحاكم بإعتباره المظلة الجامعة لكل أصحاب المصالح والمنافع والنفوذ.
الظاهرة الحوثية نموذجاً
فالظاهرة الحوثية مثلا كانت إحدى تجليات وإبداعات النظام الحاكم وبإعترافه، والذي حاول من خلالها أن يضرب خصومه السياسيين من خلال تغذية صراع طائفي مذهبي ينهك خصومه من جهة ويدر بهذا الصراع مزيدا من أموال الجيران، دون أي حساب لأي عواقب أخلاقية و إنسانية أولا أو حتى كمسؤولية وطنية ثانيا.
وما يحصل اليوم في 'الجنوب' من حراك سلمي بدأ يشب عن الطوق رافعا شعارا 'قاتلا' لتطلعاتنا وأحـــلامنا الجميلة والبريئة كيمنيين بغدٍ أكثر رفاه وإمناً ورخاءاً، هو نتاج هذه السلطة وصنيع سياساتها التي أنعكست ردود أفعال سلبية لدى المواطن في الشمال قبل الجنوب.
فالتحولات الخطيرة في هذه القضية التي لا زال النظام يكابر ويعاند حتى اليوم في عدم الإعتراف بها كقضـــية فضلا عن أن تكون خطأ سياسيا صنعته يداه، لم يعد من السهولة بمكان التملص والهروب من تحمل مسؤولياته التأريخية والوطنية التي بغيابها وصلت الإمور إلى ما وصلت إليه من دعوة هذا الحراك للإستقلال 'الإنفصال' عن الوطن الكبير (اليمن) وكأن النظام القائم مجرد محتل أجنبي في نظرهم بفعل سياساته تجاههم وتجاه كل مشاكل الوطن كله شمالا وجنوبا.
وهذه النتيجة هي النتيجة الطبيعية في حدودها القصوى كانعكاس طبيعي للكيفية التي تعامل بها النظام مع هذه المشكلة المعقدة والحقيقية التي حاول التهرب منها، تحت ضغوط لوبيات النفوذ والمصالح التي صنعها الحاكم وصنعته، والذي بحسب تقرير 'هلال-باصرة' الشهير لا يتعدون خمسة عشر نافذا، إثناعشر نافذا منهم من أسرة الرئيس وأقربائه.
فشلنا السياسي والإقتصادي والإجتماعي والتربوي هو في الأخير المحصلة الطبيعية لثقافة نظام إنتهازي متخلف كرسها كقيم وثوابت ومعايير ينبغي الإلتزام بها لنيل الحظوة والقبول والمكانة في بلاطه، ثقافة متخلفة ومنحطة دمرت كل القيم والأخلاق والأواصر الثقافية والإجتماعية والتربوية للمجتمع، وعملت على إعادة تشكيل المجتمع على أسس مصلحية برغماتية بحتة ومشاريع شخصية صغيرة يحبذها النظام ويرعاها.
وكرد فعل طبيعي على مثل هذه الثقافة المنحطة، بدأ الفرز المناطقي والطائفي والمذهبي في المجتمع بحثا عن مصالح ذاتية أنانية تحت شعارات المذهب او الطائفة أو المنطقة أو القرية مما كرس بدوره عودة رجعية متخلفة إلى رواسب عفا عليها الزمن وقطع مجتمعنا اليمني شوطا كبيرا في وأدها ومحيها من لا شعور أفراده الجمعي كثقافة وسلوك.
اخفاق وفشل
وها نحن اليوم مجتمعا ونظاما أمام كل هذا الإخفاق والفشل الذي تبلور في أزمات وصراعات مذهبية ومناطقية تشتد ومهددة سلمنا الإجتماعي رأس مال الوطن الوحيد الذي تعتمد عليه التنمية والنهوض وبدونه لن تقوم لأمة قائمة، هذا السلم الإجتماعي الذي يعبر عن التناغم الخلاق بين مكونات المجتمع وشرائحه المختلفة الأصول والمذاهب والأعراق كالتجربة الماليزية الفذة مثلا - فضلا عن وطن يضم أبناءه عرق ودين واحد.
لم يعد هناك اليوم شيء ذي قيمة يعكس وحدتنا الوطنية وسلمنا الإجتماعي غير ما بات يعبر عنه كإطار سياسي 'اللقاء المشترك' كأخر تعبيرات عن مضمون الوحدة الوطنية الذي يجمع بين مكوناته جميع مذاهب ومناطق وأحزاب اليمن في رؤية توافقية وطنية رائعه قل لها نظير تأريخي على مستوانا الوطني والعربي، فهل سيعمل العقلاء اليوم على إثراء وتطوير هذه التجـــربة الفريدة لكي يحافظوا على حزام الأمان الأخير في سفينة الوطن الحائرة في محيط الأمواج العاتية أم سيفرطون بها مكررين تجارب العراق والصومال، وهذا ما لا نتمناه.
فواقعنا البائس اليوم هو لا شك نتاج لهذه الثقافة التي قلبت المفاهيم والقيم والموازين رأسا على عقب، إنها ثقافة الفوضى واللامسؤولية، ثقافة اللاقانون، اللاضمير و اللا أخلاق، التي أنعكست بكل هذا الفشل الحاصل اليوم في كل شيء من أصغر أمورنا حتى أكبرها، تاركة هذا الوطن الجميل غابة من الوحوش والثيران المتصارعة.
لقد أسست هذه الثقافة الإنتهازية لجيل كامل من الإنتهازيين والسماسرة تحت مسميات وألقاب عدة تبتدئ بالشيخ وتنتهي بالمثقف والأكاديمي، جيلا ممسوخا مجردا من القيم النبيلة، جيلا لا هم له غير المشاريع الشخصية الصغيرة والأنانية و لو على حساب كل قيم النبل والشرف والرجولة.
لقد دمرت هذه الثقافة الخبيثة كل قيمنا وأخلاقنا، ولم يبق أمام سطوتها وبريقها أي شيء إلا لوثته، لقد لوثوا بثقافتهم هذه أعتى حصون القيم والشرف المنيعة، لقد لوثوا القبيلة آخر معاقل القيم والنبل والرجولة، فأصبحت مسخا آخر لا يؤمن بقيم أو تقاليد و لا أعراف، فأصبح طبيعيا أن تغدو القبيلة جماعة من قاطعي الطرق وناهبي الأراضي في ظل هكذا ثقافة كرست لديهم صوابية ما يفعلون من خلال إسترضائهم لا معاقبتهم مع كل جرم يقترفوه.
ثم نأتي بعد كل هذا التشظي الإجتماعي والتآكل القيمي لنقول ما الذي يحدث؟ وكيف حدث ؟ وإلى أين نحن سائرون؟ متجاهلين من يقف وراء ظهور مثل هذه التصورات والروئ المتخلفه والمنحطة في النظر إلى الدولة والقانون بشيء من الإحتقار والتعالي عدا عن النظر إلى المنصب والوظيفه والمكانه الإجتماعية على أنها حق متوارث تنتقل من الآباء إلى الأبناء دون أي معايير أو شروط.
فضلا عن تكريس مفاهيم أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مفاهيم 'لصوصية' في النظر إلى المال العام وكأنه مكافأة وفرصة منحت لك، وتصوير قيم الأمانة و النزاهة والشرف والرجولة والجدية كأنها مفاهيم بالية وساذجة لا ينبغي الإلتفات لها لكونها لم تعد مطلوبة في مثل هذا العصر الإنتهازي.
بل لا يقف الأمر عند هذا الحد، فكل من يثبت عليه شبهة التحلي بهذه الصفات فإن مصيره لا شك التنحية والعزل والإهمال حتى يغير من مفاهيمه تلك البالية التي لم يعد لها مكان في قاموس الكفاءة السلطوية اليوم.
لقد كرس النظام هذه المفاهيم والتصورات المتخلفة عمدا مع سبق الإصرار والترصد في إطار سعيه إلى تقوية سطوته وسيطرته على المجتمع من خلال خلق ولاءات سلطوية ضيقة ترتكز على التفاني في خدمة النظام وبأي طريقة كانت ولوعلى حساب الشرف و القيم والمبادئ والدين والأخلاق والقانون والدستور، لأن المهم في الأمر كيف أخدم النظام وأحظى برضاه ومباركته.
وهكذا أصبحت كل تلك العاهات اللإخلاقية هي السائدة كقيم رائدة ينبغي التحلي بها كمفاهيم ومواصفات ' لا شعورية' للمرحلة وهي لا شك التي أفرزت كل هذا التشوه في جسم وحدتنا الوطنية وخلقت كل هذه النتوءات غير الطبيعية من المناطقية والجهوية والمذهبية والطائفية - ولا أدل على ذلك بحسب أحد الزملاء - هو خروج وبروز كل ظواهر العنف والصراعات التي ظهرت في مجتمعنا، بإنسلالها من تحت عباءة الحزب الحاكم بإعتباره المظلة الجامعة لكل أصحاب المصالح والمنافع والنفوذ.
الظاهرة الحوثية نموذجاً
فالظاهرة الحوثية مثلا كانت إحدى تجليات وإبداعات النظام الحاكم وبإعترافه، والذي حاول من خلالها أن يضرب خصومه السياسيين من خلال تغذية صراع طائفي مذهبي ينهك خصومه من جهة ويدر بهذا الصراع مزيدا من أموال الجيران، دون أي حساب لأي عواقب أخلاقية و إنسانية أولا أو حتى كمسؤولية وطنية ثانيا.
وما يحصل اليوم في 'الجنوب' من حراك سلمي بدأ يشب عن الطوق رافعا شعارا 'قاتلا' لتطلعاتنا وأحـــلامنا الجميلة والبريئة كيمنيين بغدٍ أكثر رفاه وإمناً ورخاءاً، هو نتاج هذه السلطة وصنيع سياساتها التي أنعكست ردود أفعال سلبية لدى المواطن في الشمال قبل الجنوب.
فالتحولات الخطيرة في هذه القضية التي لا زال النظام يكابر ويعاند حتى اليوم في عدم الإعتراف بها كقضـــية فضلا عن أن تكون خطأ سياسيا صنعته يداه، لم يعد من السهولة بمكان التملص والهروب من تحمل مسؤولياته التأريخية والوطنية التي بغيابها وصلت الإمور إلى ما وصلت إليه من دعوة هذا الحراك للإستقلال 'الإنفصال' عن الوطن الكبير (اليمن) وكأن النظام القائم مجرد محتل أجنبي في نظرهم بفعل سياساته تجاههم وتجاه كل مشاكل الوطن كله شمالا وجنوبا.
وهذه النتيجة هي النتيجة الطبيعية في حدودها القصوى كانعكاس طبيعي للكيفية التي تعامل بها النظام مع هذه المشكلة المعقدة والحقيقية التي حاول التهرب منها، تحت ضغوط لوبيات النفوذ والمصالح التي صنعها الحاكم وصنعته، والذي بحسب تقرير 'هلال-باصرة' الشهير لا يتعدون خمسة عشر نافذا، إثناعشر نافذا منهم من أسرة الرئيس وأقربائه.
فشلنا السياسي والإقتصادي والإجتماعي والتربوي هو في الأخير المحصلة الطبيعية لثقافة نظام إنتهازي متخلف كرسها كقيم وثوابت ومعايير ينبغي الإلتزام بها لنيل الحظوة والقبول والمكانة في بلاطه، ثقافة متخلفة ومنحطة دمرت كل القيم والأخلاق والأواصر الثقافية والإجتماعية والتربوية للمجتمع، وعملت على إعادة تشكيل المجتمع على أسس مصلحية برغماتية بحتة ومشاريع شخصية صغيرة يحبذها النظام ويرعاها.
وكرد فعل طبيعي على مثل هذه الثقافة المنحطة، بدأ الفرز المناطقي والطائفي والمذهبي في المجتمع بحثا عن مصالح ذاتية أنانية تحت شعارات المذهب او الطائفة أو المنطقة أو القرية مما كرس بدوره عودة رجعية متخلفة إلى رواسب عفا عليها الزمن وقطع مجتمعنا اليمني شوطا كبيرا في وأدها ومحيها من لا شعور أفراده الجمعي كثقافة وسلوك.
اخفاق وفشل
وها نحن اليوم مجتمعا ونظاما أمام كل هذا الإخفاق والفشل الذي تبلور في أزمات وصراعات مذهبية ومناطقية تشتد ومهددة سلمنا الإجتماعي رأس مال الوطن الوحيد الذي تعتمد عليه التنمية والنهوض وبدونه لن تقوم لأمة قائمة، هذا السلم الإجتماعي الذي يعبر عن التناغم الخلاق بين مكونات المجتمع وشرائحه المختلفة الأصول والمذاهب والأعراق كالتجربة الماليزية الفذة مثلا - فضلا عن وطن يضم أبناءه عرق ودين واحد.
لم يعد هناك اليوم شيء ذي قيمة يعكس وحدتنا الوطنية وسلمنا الإجتماعي غير ما بات يعبر عنه كإطار سياسي 'اللقاء المشترك' كأخر تعبيرات عن مضمون الوحدة الوطنية الذي يجمع بين مكوناته جميع مذاهب ومناطق وأحزاب اليمن في رؤية توافقية وطنية رائعه قل لها نظير تأريخي على مستوانا الوطني والعربي، فهل سيعمل العقلاء اليوم على إثراء وتطوير هذه التجـــربة الفريدة لكي يحافظوا على حزام الأمان الأخير في سفينة الوطن الحائرة في محيط الأمواج العاتية أم سيفرطون بها مكررين تجارب العراق والصومال، وهذا ما لا نتمناه.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: ماذا خلف ضباب الأزمة اليمنية؟
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» ماذا لو حكمت المرأة العالم؟ ماذا برأيكم سيحدث؟
» الوحدة اليمنية وخطر الانفصال
» 100 شخصية عربية تصدر بيان دعم للوحدة اليمنية
» أين تقبع جذور الأزمة؟
» القوات اليمنية تقتل 3 قراصنة وتحرر ناقلة نفط مخطوفة
» الوحدة اليمنية وخطر الانفصال
» 100 شخصية عربية تصدر بيان دعم للوحدة اليمنية
» أين تقبع جذور الأزمة؟
» القوات اليمنية تقتل 3 قراصنة وتحرر ناقلة نفط مخطوفة
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome