المواضيع الأخيرة
بحـث
المفهوم الحديث لمدح الحكام العرب
3 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
المفهوم الحديث لمدح الحكام العرب
دأبت المؤسسات الإعلامية والاجتماعية والسياسية العربية على عدم تفويت أي فرصة لكيل المديح للحاكمين المنتخبين عبر صناديق الاقتراع أو الوارثين عرش بلدانهم في المملكات والإمارات. فعند إلقاء أي كلمة، صغيرة كانت أم كبيرة، في مناسبة عابرة (مؤتمر، يوم دراسي، اجتماع عادي أو استثنائي... الخ)، أو عند الاحتفال بمناسبة رسمية (أعياد، ذكرى..) يعمد الكثير من المتزلفين أو المنافقين أو الوصوليين أو من في حكمهم جميعا، إلى بذل قصارى الجهود لإبراز خصائل الحاكم ومناقبه ودوره الأول والأخير في استمرارية الشعوب على قيد الحياة. كما يحرصون على التشديد على حكمه الرشيد وعبقريته الفذة وقدرته الخارقة لقيادة البلاد والعباد في 'هذه اللحظة الحرجة' من تاريخ الدول والشعوب.
حقا، يمكن أن نفهم معنى هذا المديح غير المجاني في سياق تاريخ الثقافة السياسية العربية الحبلى بالاستبداد والحكم الفردي وتبعية المريد للشيخ، وما يتطلبه ذلك من طاعة وولاء وخدمة دائمة في السر والعلن، بمناسبة أو من دونها.لكن الغريب أن بعض الحكام لا يخفون امتعاضهم من الطقوس القروسطية ويشعرون بإحراج أمام كاميرات التلفزيون وهي تصور الرجال والنساء وهم يسلمون عليه بمظهر يكون مضحكا أحيانا..إلا أن حراس التقاليد المرعية لا يريدون إنهاء العمل بتلك الطقوس...كما أن الصورة السلبية التي تعطى لتلك الدول تدفع إلى التقليل منها أو حصرها في القنوات الحكومية الموجهة لتخدير الشعب وتمرير الدعاية السياسية التلفزيونية.
من ثمة، يتيح 'الاتصال السياسي' للحكام العرب تسويق صورتهم وأنشطتهم وإنجازاتهم بالشكل الذي يضفي عليها كل المظاهر الإيجابية الممكنة. ولعل أحد أكبر 'المعارك' التي يخوضها الساسة في هذا الباب هي إنتاج صورة إيجابية عن الواقع الذي يعيشه المواطنون أو تحويل علاقتهم به من خلال قوة الصورة المسوقة عنه. وتعد النشرات الإخبارية في التلفزيونات العربية الحكومية والتصريحات الصحافية 'المخدومة' من الأدوات الأساسية التي يتم داخلها وبواسطتها إعادة رسم صورة الواقع المعيش وتقويته وإضفاء الطابع الإيجابي عليه أو على منجزات الساسة وأعمالهم. إنها قوة الصورة التي تحجب بؤس الواقع. هكذا، إذا كان الواقع يتسم بتفشي مظاهر الفقر والحاجة إلى أبسط المتطلبات الضرورية للعيش فيه هذا القرن، فإن التلفزيون من خلال تغطية نشاط عاد- مع ما يصاحبها من تعليق وتصريحات- ينتج صورة قوية للنشاط الرئاسي أو الأميري.. وبالتالي 'فعلا اتصاليا' يمجد العمل الذي تم القيام به.. وهذا ما يتطلب من الإعلاميين الحقيقيين ألا يحلوا الضعف السياسي محل قوة الواقع الصارخة، وألا يبيعوا قناعاتهم ويغمضوا أعينهم عن بؤس الواقع مهما زينت الصورة المقدمة عبر التلفاز.
إن قوة الحاكم السياسي تكمن في قوة اعترافه وتغييره للواقع لا في قوة تجميله والركوب الانتهازي عليه.
وإذا ما ألقينا نظرة على تمثل الأوروبيين والأمريكيين لحكامهم، نراهم يتسابقون في نقدهم وإبراز مكامن ضعفهم ومحدوديتهم ورصد جوانب الخلل في سياساتهم وتتبع حركاتهم وسكناتهم لكشف أنواع الفساد (إن وجدت) وإعمال المعايير الديمقراطية وسلطة القانون.
لقد أنهى الغربيون العلاقة الأبوية التي كانت تجمعهم بحكامهم، وصارت علاقة منظمة بشكل مؤسساتي وسلوكي واضح، خلافا لعلاقة المؤسسات والشعوب العربية بحكامها. فهي إن كانت منظمة (ولو شكليا) من الناحية المؤسساتية، فإنها تظل علاقة أبوية تراتبية قد تصل حد التقديس من الناحية العملية والسلوكية اليومية.
من ثمة، لا يعكس المفهوم الجديد للمدح مجرد عبارات مجاملة عابرة، وإنما نموذجا للثقافة السائدة التي ينبغي خلخلتها وتدبير تغييرها تدريجيا من الداخل. وهذا ما يتطلب تفكيك قواعد التربية الأسرية العتيقة المبنية على الخوف، بدل أن تكون منية على الحوار والصراحة واحترام الأخر صغيرا كان أم كبيرا.فكم من المداحين المنافقين دبروا انقلابات ناجحة أو فاشلة على طول وعرض الوطن العربي، وكم من المعارضين (الصرحاء الغيورين على أوطانهم وشعوبهم) لم ولن يفكروا يوما في القتل أو الغدر حتى ولو مورست عليهم شتى أنواع التنكيل والقمع المادي أو الرمزي أو هما معا.
وقد صدق المثل العربي الذي يقول إن 'الصديق من صادقك لا من صدقك'. ترى كم يطوف حول حكامنا العرب من المنافقين الكذابين الذين يزينون الأوضاع في أعينهم أو يقنعوهم بضرورة الاستمرار في نفس السياسات الفاشلة داخليا وخارجيا خدمة لمصالحهم الشخصية وتأبيدا لموازين القوى التي يتحكمون فيها من وراء حجاب؟.
حقا، لا يمكن تغيير الثقافة السياسية أو الاجتماعية بقرار. لكن، لا يمكن أيضا التأجيل الدائم للتغيير الإرادي مادام الزحف العولمي قادم بتغييرات كثيرة ستأتي على الأخضر واليابس. حينئذ لن ينفع المديح التكسبي الحديث ولا نشرات العام زين العربية. سيصبح كل هذا لقطات في حكم وسائل الإيضاح المستعملة لتدريس انثروبولوجيا الشعوب العربية الآيلة للانقراض الرمزي.
حقا، يمكن أن نفهم معنى هذا المديح غير المجاني في سياق تاريخ الثقافة السياسية العربية الحبلى بالاستبداد والحكم الفردي وتبعية المريد للشيخ، وما يتطلبه ذلك من طاعة وولاء وخدمة دائمة في السر والعلن، بمناسبة أو من دونها.لكن الغريب أن بعض الحكام لا يخفون امتعاضهم من الطقوس القروسطية ويشعرون بإحراج أمام كاميرات التلفزيون وهي تصور الرجال والنساء وهم يسلمون عليه بمظهر يكون مضحكا أحيانا..إلا أن حراس التقاليد المرعية لا يريدون إنهاء العمل بتلك الطقوس...كما أن الصورة السلبية التي تعطى لتلك الدول تدفع إلى التقليل منها أو حصرها في القنوات الحكومية الموجهة لتخدير الشعب وتمرير الدعاية السياسية التلفزيونية.
من ثمة، يتيح 'الاتصال السياسي' للحكام العرب تسويق صورتهم وأنشطتهم وإنجازاتهم بالشكل الذي يضفي عليها كل المظاهر الإيجابية الممكنة. ولعل أحد أكبر 'المعارك' التي يخوضها الساسة في هذا الباب هي إنتاج صورة إيجابية عن الواقع الذي يعيشه المواطنون أو تحويل علاقتهم به من خلال قوة الصورة المسوقة عنه. وتعد النشرات الإخبارية في التلفزيونات العربية الحكومية والتصريحات الصحافية 'المخدومة' من الأدوات الأساسية التي يتم داخلها وبواسطتها إعادة رسم صورة الواقع المعيش وتقويته وإضفاء الطابع الإيجابي عليه أو على منجزات الساسة وأعمالهم. إنها قوة الصورة التي تحجب بؤس الواقع. هكذا، إذا كان الواقع يتسم بتفشي مظاهر الفقر والحاجة إلى أبسط المتطلبات الضرورية للعيش فيه هذا القرن، فإن التلفزيون من خلال تغطية نشاط عاد- مع ما يصاحبها من تعليق وتصريحات- ينتج صورة قوية للنشاط الرئاسي أو الأميري.. وبالتالي 'فعلا اتصاليا' يمجد العمل الذي تم القيام به.. وهذا ما يتطلب من الإعلاميين الحقيقيين ألا يحلوا الضعف السياسي محل قوة الواقع الصارخة، وألا يبيعوا قناعاتهم ويغمضوا أعينهم عن بؤس الواقع مهما زينت الصورة المقدمة عبر التلفاز.
إن قوة الحاكم السياسي تكمن في قوة اعترافه وتغييره للواقع لا في قوة تجميله والركوب الانتهازي عليه.
وإذا ما ألقينا نظرة على تمثل الأوروبيين والأمريكيين لحكامهم، نراهم يتسابقون في نقدهم وإبراز مكامن ضعفهم ومحدوديتهم ورصد جوانب الخلل في سياساتهم وتتبع حركاتهم وسكناتهم لكشف أنواع الفساد (إن وجدت) وإعمال المعايير الديمقراطية وسلطة القانون.
لقد أنهى الغربيون العلاقة الأبوية التي كانت تجمعهم بحكامهم، وصارت علاقة منظمة بشكل مؤسساتي وسلوكي واضح، خلافا لعلاقة المؤسسات والشعوب العربية بحكامها. فهي إن كانت منظمة (ولو شكليا) من الناحية المؤسساتية، فإنها تظل علاقة أبوية تراتبية قد تصل حد التقديس من الناحية العملية والسلوكية اليومية.
من ثمة، لا يعكس المفهوم الجديد للمدح مجرد عبارات مجاملة عابرة، وإنما نموذجا للثقافة السائدة التي ينبغي خلخلتها وتدبير تغييرها تدريجيا من الداخل. وهذا ما يتطلب تفكيك قواعد التربية الأسرية العتيقة المبنية على الخوف، بدل أن تكون منية على الحوار والصراحة واحترام الأخر صغيرا كان أم كبيرا.فكم من المداحين المنافقين دبروا انقلابات ناجحة أو فاشلة على طول وعرض الوطن العربي، وكم من المعارضين (الصرحاء الغيورين على أوطانهم وشعوبهم) لم ولن يفكروا يوما في القتل أو الغدر حتى ولو مورست عليهم شتى أنواع التنكيل والقمع المادي أو الرمزي أو هما معا.
وقد صدق المثل العربي الذي يقول إن 'الصديق من صادقك لا من صدقك'. ترى كم يطوف حول حكامنا العرب من المنافقين الكذابين الذين يزينون الأوضاع في أعينهم أو يقنعوهم بضرورة الاستمرار في نفس السياسات الفاشلة داخليا وخارجيا خدمة لمصالحهم الشخصية وتأبيدا لموازين القوى التي يتحكمون فيها من وراء حجاب؟.
حقا، لا يمكن تغيير الثقافة السياسية أو الاجتماعية بقرار. لكن، لا يمكن أيضا التأجيل الدائم للتغيير الإرادي مادام الزحف العولمي قادم بتغييرات كثيرة ستأتي على الأخضر واليابس. حينئذ لن ينفع المديح التكسبي الحديث ولا نشرات العام زين العربية. سيصبح كل هذا لقطات في حكم وسائل الإيضاح المستعملة لتدريس انثروبولوجيا الشعوب العربية الآيلة للانقراض الرمزي.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: المفهوم الحديث لمدح الحكام العرب
thx janesta
kouki- عضــو ممتاز
-
عدد الرسائل : 506
العمر : 104
نقاط : 411
تاريخ التسجيل : 30/01/2009
رد: المفهوم الحديث لمدح الحكام العرب
thx janesta
kouki- عضــو ممتاز
-
عدد الرسائل : 506
العمر : 104
نقاط : 411
تاريخ التسجيل : 30/01/2009
رد: المفهوم الحديث لمدح الحكام العرب
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» معاذ الله أن نصدقكم أيها المعتدلون العرب .. معاذ الله أن نصدقكم أيها الحكام!
» الانقسام الفلسطيني: المفهوم والتداعيات
» الحديث عن اللة
» يوم الاسـير الفلسـطيني : الاحتلال ينفذ اكبر عملية اعتقال جماعي في التاريخ الحديث..،
» موقع للتأكد من صحة الحديث قبل اضافتة بالمنتدى
» الانقسام الفلسطيني: المفهوم والتداعيات
» الحديث عن اللة
» يوم الاسـير الفلسـطيني : الاحتلال ينفذ اكبر عملية اعتقال جماعي في التاريخ الحديث..،
» موقع للتأكد من صحة الحديث قبل اضافتة بالمنتدى
نســــــــــــــــــــــايــــم :: السيـاســــه... POLITCS :: قســم المواضيع السياسيه... POLITC TOPICS
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome