روسيا تنهي «عملية مكافحة الارهاب» في الشيشان

موسكو - ا ف ب

أنهت روسيا أمس "عملية مكافحة الارهاب" المستمرة منذ عشر سنوات في الشيشان بالقوقاز في ظل الاستقرار الذي باتت تنعم به هذه الجمهورية الروسية التي مزقتها حربان منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وافضت العملية الى الحاق القوات الروسية هزيمة بالانفصاليين الذين كانوا بسطوا سيطرتهم على معظم اراضي الجمهورية المسلمة. وبانتهائها بات بامكان موسكو ان تسحب الاف الجنود الروس من الشيشان.

وجاء في بيان لجنة مكافحة الارهاب ان الكسندر بورتنيكوف رئيس جهاز الامن الفدرالي (جهاز الاستخبارات "اف اس بي" ، "كي جي بي" سابقا) "الغى في 16 نيسان المرسوم الذي اعلن اراضي جمهورية (الشيشان) منطقة لعملية مكافحة الارهاب". واضاف البيان ان "القرار يهدف الى خلق الظروف المؤاتية لعودة الوضع في المستقبل الى طبيعته في الجمهورية واعادة اعمارها وتطوير بناها الاجتماعية والاقتصادية". وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف اعطى امرا بانهاء العملية في 27 اذار. واكدت لجنة مكافحة الارهاب ان هذا القرار اتخذ "بامر من رئيس" الدولة. وكان مرسوم اعلان الشيشان منطقة لعملية مكافحة الارهاب اصدره الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين في 1999 قبيل اشهر فقط من استقالته وتولي فلاديمير بوتين السلطة خلفا له.

وخاضت روسيا حربين في الشيشان بعد انهيار الستار الحديدي ، غير ان الاستقرار عاد خلال السنوات الماضية على نطاق واسع الى هذه الجمهورية في ظل حكم الرئيس الشيشاني القوي والموالي لروسيا رمضان قادروف. ولم يعط البيان اية تفاصيل عن التبعات الفورية لقرار الغاء عملية مكافحة الارهاب. غير انه من المتوقع ان ينتج عنه خفض القوات الروسية المتمركزة في الجمهورية القوقازية سحب الاف القوات الروسية ، وبالمقابل تزايد النفوذ الامني للرئيس قادروف.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن مصدر امني روسي ان قرار الغاء العملية سيسمح بسحب 20 الف عسكري من الشيشان. وقال المصدر الذي لم تسمه انترفاكس ان القرار "يعني بشكل اساسي القوى الامنية التي ارسلت الى الشيشان من المناطق الروسية وكذلك اولئك الذين يخدمون في قوات الامن الداخلي".

واعرب رمضان قادروف ، وهو نجل الرئيس الشيشاني السابق احمد قادروف الذي اغتيل في انفجار عبوة ناسفة في غروزني في 2004 ، عن "سروره الكبير" بالغاء عملية مكافحة الارهاب. وقال الرئيس الشيشاني بحسب ما نقلت عنه انترفاكس "لقد تلقينا بفرحة كبرى نبأ الغاء عملية مكافحة الارهاب". واضاف ان "الجمهورية الشيشانية ، وكما يشهد به الاف الزوار ، هي منطقة مسالمة نامية ، والغاء عملية مكافحة الارهاب سيفسح المجال امام النمو الاقتصادي".

وكان قادروف دعا الى الغاء عملية مكافحة الارهاب من اجل تمكين جمهوريته من اقامة نظام جمركي خاص بها والسماح لمطار العاصمة غروزني باستقبال رحلات دولية.

وهذه الرحلات الدولية من شأنها ان تسرع عملية اعادة اعمار الشيشان عن طريق ايصال المواد اللازمة مباشرة الى غروزني ، فضلا عن منح الجمهورية البعد الدولي الذي يجهد قادروف في سبيل الوصول اليه. وقادروف ، الذي كان هو نفسه متمردا على موسكو ، يواجه سيلا من الانتقادات التي توجهها اليه منظمات الدفاع عن حقوق الانسان التي تتهمه بممارسة التعذيب وباستخدام قواته الامنية لقمع مناوئيه.

ولفت قادروف الانظار ايضا بسبب اطواره الغريبة ومنها احتفاظه بحديقة حيوانات خاصة به في غروزني تضم نمورا وفهودا سودا ورقطاء ودببة.

وعمد قادروف خلال السنوات القليلة الماضية الى تركيز متزايد على الاسلام ، سواء عبر الترويج الاعلامي للحج الى مكة المكرمة او عبر تشجيع تعدد الزوجات بدعوى ان "عدد النساء اكبر من عدد الرجال" في الشيشان. غير ان الغاء عملية مكافحة الارهاب يأتي بعيد مقتل خمسة معارضين في جرائم قتل غامضة ، كان آخرها اغتيال القيادي العسكري السابق سليم ياماداييف بالرصاص في دبي في 28 آذار.

ورغم الاستقرار الواسع النطاق الذي تشهده الشيشان ، فان القوات الروسية لا تزال تخوض نزاعا مسلحا في جمهوريتي داغستان وانغوشيا المسلمتين المجاورتين.