اليمن: العزف على مقطوعة الدم

من طرف **janesta** الأحد أبريل 05, 2009 7:13 am

يتغاضى علي عبدالله صالح عن القضايا والأزمات التي أنتجها نظامه السياسي، وكارثية ذلك على البلاد حال استمراره في تغاضيه عن رؤية شيء موجود، أوجدته سياسات مختلة وممارسات لا تعير الوطن أدنى اهتماما، فهو لا يدرك أن الوقت الذي ينفد دون أن يبادر عمليا لرأب الصدع وإصلاح الخلل يزيد من تنامي الأزمات وتعقيداتها، ويرتد بالضد على نظامه ليحصد أعلى معدل من الكراهية الشعبية والوطنية له ووجوده بهذه الصورة المختلة التي تمنح الخلل في البلاد مزيدا من الفاعلية والإرباك.
دس الرؤوس في التراب كما تصنع النعامة لا يعني أن الأزمات غير موجودة، بقدر ما يفوت إمكانية علاجها، ويمنح كل من يريد بالوطن ووحدته واستقراره بيئة للفوضى والتجزؤ، والاعتراف بأن هناك أزمات لا يعني أن الوحدة مهددة، فتهديد الوحدة يكمن أساسا في عدم الاعتراف بأن هناك قضية أنتجتها حرب 94 وكانت من أبرز مخلفاتها إخراج شركاء الوحدة من الشراكة الوطنية، وصياغة نظام الوطن بطريقة ارتدادية جسدت الاستبداد والشمولية، ونمت أكثر القيم تخلفا، وبعثت من بين ركام الماضي أسوأ ما فيه، وأراد أن يستغل الاختلافات والتخلف في عملية إدخال المجتمع ومكوناته وتكويناته في عملية صراع بينية مثخنة بالدم والموت، كما عمد إلى استخدام الذاكرة الثأرية الماضوية بطاقة مرور جديدة بإحياء هذا الذاكرة وتنميتها لتحيا معها الأحقاد التي لن تبني وطنا ولن تجعل منه غير قبر مفتوح للموت. إن نظاما لا يجيد إلا فن نبش القبور، وإخراج الجماجم، والعزف على مقطوعة الدم، ويردد أهزوجة الموت، لا يمكن أن يحمي وحدة ويحفظ وطن، بقدر ما يستبطن أنانية مدمرة في سبيل بقائه متموضعا على كرسي يرفض أن يبارحه قيد أنملة باتجاه فعل يمكن أن يعيد للشعب التفاؤل بإمكانية التغيير وتلافي هذه الصدوع الخطيرة التي تتنامى في الجسد اليمني الواحد، بفعل سياسات دمرت امكانيات التقدم وأعاقت ممكنات التحول السوي، المبني على قاعدة الوحدة اليمنية، فحتى النضالات التي ينتهجها الشعب جنوب الوطن أراد وبإصرار عنيد أن يحرف مسارها باتجاهات تجزيئية تمنحه حق القمع، وإعادة إنتاج حرب جديدة تحت شعارات تحمل في ظاهرها الدفاع عن الوحدة وتستبطن أسوأ نوايا الموت، بهدف تصفية أي حراك اجتماعي يتأطر بالوحدة ومهموم بإعادة الشراكة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمضامين الوحدة وشروطها التي انبنت عليها ودستورها، ولذلك فإن النظام يدرك خطورة ان يكون هناك حراكا نضاليا وطنيا سلميا قاعدته الوحدة اليمنية كأساس راسخ ومتين لتفعل خوامل الشعب الذي مازال معظمه مغيبا ولا يدرك خطورة استمرار إدارة البلاد بالأزمات وإنتاجها، وتعميقها وتشتيت إرادة الناس وزرع قنابل الاختلافات والتشظيات والانقسامات من قاعدتها إلى قمتها.ولذلك على أبناء الوطن هناك أن يستوعبوا حقيقة أن معادلة النضال وحلقاتها لن تكتمل إلا على قاعدة الوحدة اليمنية، كإطار وطني شامل لتغيير أشمل وأعم . ففي مداخلة لي في ملتقى التشاور الوطني بمركزية الحزب الاشتراكي اليمني الشهر الفائت عن قضية جنوب الوطن كأحدى تجليات الأزمة الوطنية قلت أن: 'الوطن بيت اليمنيين جميعا وميراث أجيالهم الصاعدة، وعليه فإن نضالهم بأرقى الأساليب وفق الدستور والقانون والإطار الوطني الجامع، وحده الكفيل بجعل المستقبل أكثر أمناً، والإصلاح حقيقة تقترب من أحلامهم التي وأدتها الافتراقات والانقسامات السياسية والاجتماعية والنخبوية، فجذر الخلل والأزمة هو نظامُ سياسيُ أقصى الكل، وتنكر لمثل الاختلاف الرشيدة من ديمقراطية حقيقية وانتخابات حرة نزيهة، اكتفى بأشكالها، ليلمع ذاته أمام الخارج، لتؤدي عمليا إلى إنتاجه من جديد، فيما الجوهر غائب، ولو حضر فيها لأحتضر هذا النظام المتهالك منذ أمد بعيد.