مائدة القمة : بين مصالحات takeaway ووجبات مثلجة

من طرف **janesta** الجمعة أبريل 03, 2009 8:21 pm

منذ النعمان الذي هرسته الفيلة في فارس، إلى ذلك الخليفة العباسي الذي أمر هولاكو بحفر غرازة له، يدفن فيها ويهرس رأسه، إلى حبل المشنقة المعاصر الذي قدم رأس الرئيس العباسي - أضحية لأحفاد كولومبوس، وحتى آخر زامور خطر يضربه شرطة البيت الأبيض وسدنة المنظمات الحقوقية، للقبض على ما تبقى من رؤوسنا الرئاسية، حتى نصل إلى المشاريع التي تحاك في الظلام لإشادة غوانتانامو جديد برتبة ' خمس نجوم ' يليق بزعمائنا الارستقراطيين، 'والحبل على الجرار' كيف نحافظ على حقنا بمحاسبة مجرمينا كباقي شعوب الأرض، وعلى حق أعدائنا علينا بإحالتهم إلى قضاء دولي نزيه لا يكيل الجريمة بمكيالين، ولا يُعنصِر العدالة الكونية طالما أنه يتعامل معها بصفته وصيا موكلا بالنيابة عن دراكولات بني صهيون ومصاصي الدماء الجدد؟
جاءت قمة الدوحة بتوصياتها وبنودها لتعمل على مناصرة الرئيس السوداني عمر البشير الذي يتعرض لحملة شرسة يشنها أصحاب المصالح السياسية الذين لاتعنيهم مظاليم الإنسان ولا حقوق الضحايا، إنهم يتذرعون بالعدالة كي يرتكبوا الظلم بضمائر مغلفة بالساتان الأحمر، يتذرعون بالحق الدولي بينما هم يغضون الطرف عن جرائم تحاك في النور على مرأى من عدسات الكاميرات، والصور المعراة في الشوارع وعلى النواصي تحمل جثث الفسفور الأبيض، و بصمات اسرائيل الدامغة على جرائم حرب لا تبقي ولاتذر من أحد غير الجريمة، وهذا ليس هروبا من جرائم زعمائنا، ولا هو بحث عن حجج نتقي بها تعريضهم للمساءلات القانونية، إنما هو حق إنساني وأخلاقي نستخدمه في وقته ونحن نرى ازدواجية المعاييرالقانونية، والحول القضائي المزمن في التعامل مع أمة عربية لم تزل ترزح تحت صنوف الذل والمهانة، تتفرج على التاريخ من قبو معتم، وتضحك ملء شدقيها على الأضواء!!!
ما الذي طرحته القمة في جدول أعمالها بهذا الخصوص؟ الم يحن الوقت أن تحدد تلك القمم استراتيجية واضحة وشاملة ومبندة تجاه هذا التعسف بحق عروش مزلزلة، تريق كرامة الأمة وعنفوان الشعب بين أمم الأرض وشعوبها؟ ألم يحن الوقت للخروج من عباءة الإدانة وبوتقة الشجب إلى فضاء أكثر حيوية وديناميكية؟
وهل المصالحة العربية العرجاء التي تسير بقدم واحدة، تضمن حصانة 'رئاسية' لأولئك الذين ينتظرون دورهم في طابور العقاب كأنهم تلاميذ مشاغبون أو شلة حكام مستنسخين من أسلافهم الذين كانوا يطيرون الحمائم عن تيجانهم الصلعاء، وشعبهم يتضور جوعا ويقضي عمره في أزقة السجون؟
لو كنت مكان منظمي القمة لقدمت مشهيات اسرائيلية لبني كامب ديفيد كي يحضروا القمة عل وعسى يفيد هذا بلم الشمل العربي بوصاية اسرائيلية، لأنه بغير ذلك لا تتحقق وحدتنا العربية المصابة بندوب تاريخية وعلامات فارقة لأنها رد تاريخ مشبوه ...
ولكن أين فلسطين؟ فما بين دعابة رئيس الوزراء القطري حول عدم دعوة حماس ونجادي إلى القمة لضمان اكتمال النصاب العربي، وما بين الهسترات الخطابية التي نصبت لنا زعماء من فصيلة ملك الملوك وإمام الأئمة، وغيرها فإننا نتساءل ما موقع الرئيس الفلسطيني من الإعراب القممي في ظل ما يطلق عليه: ما بعد غزة؟!!
إن القضية الفلسطينية برمتها تتحول إلى حبة (بونبون) في حنك الرئيس أمام عدسات التصوير وشاشات التلفاز، وهو 'طاعج حاله' و'كاشخ' كانه لم تكن هنالك مجزرة وليس هناك شعب منكوب بوطن مصاب بانفصام سياسي، وشيزوفرينيا حزبية.
يعني خلاصة الأمر، لانريد لأهم قضايانا أن تغيب في دخانات المصالحات قصيرة الأمد، ومحدودة الصلاحية، ولا نريد أن تتحول القضية الفلسطينية إلى معلبات قممية، او وجبات مخزونة في ثلاجات الموتى، وردهات التلاسن الرئاسي .. فهل يتحقق هذا في ظل أزمات دبلوماسية طاحنة، وإرث من النكبات مصاب بعدوى السقوط؟

أكثر من رأي

لقد فاض الكيل مع سامي حداد في الحلقة الخاصة بالقدس عاصمة للثقافة العريية، فحيث طرح صائب عريقات وجهة نظر استعراضية 'كالعادة ' تحمل الشعارات الرنانة 'بالمناسبة كان ينتقد الشعارات وهو خير من يرفعها على ظهر محني' وتحدث وتحدث وتحدث عن النضال والقوانين والأجرام الصهيوني 'بأدب واناقة مطلقة' طبعا ليس المطلوب منه ان يشتم أحدا- وتحدث عن الممارسات والجهود التي يبذلها الرئيس من أجل اثبات الحق التاريخي بالقدس، وهو إذ يبهرج طرحه، بعرض ما يطلق عليه 'أسرارا' جرت في المحادثات التفاوضية بين فلسطين واسرائيل، فإنه يخرج عن نطاق المعقول وهو يدافع عما حققته تلك المفاوضات، فهل نعتبر هذا استهانة بالعقل العربي، أم 'ضحك على اللحى'؟
إلا أنني أردت هنا التوقف عند سامي حداد وهو يرد على ضيفه السيد حافظ الكرمي عضو هيئة علماء المسلمين في الخارج، الذي كان يجيب عن سؤال حداد حول الاحقية التاريخية للفلسطينيين في القدس، فإنه ركز على الحق الاسلامي مما أثار حفيظة حداد الذي ذكره بنماذج فلسطينية مسيحية مشرفة برهنت على انتماء رائع كإدوارد سعيد و المطران إيلان كبوتشي وجورج حبش وأضف إليهم المطران عطا الله حنا، وغيرهم، وهذه لفتة ذكية من حداد اتجاه قضية حساسة جدا، وإن لم تكن عارمة، يجب الالتفات إلى المساواة التاريخية والانسانية والوطنية بين المسلم والمسيحي في إطار المشروع النضالي الفلسطيني، وخاصة من قبل علماء المسلمين، ليس لأن هنالك تقصيراً عاماً من قبلهم بقدر ما هو تعزيز للوحدة الوطنية وردم اي محاولات اسرائيلية لشق الصف الفلسطيني الواحد.
وليكن هذا دافعا نضاليا بالأساس، واخلاقيا، وتوعويا، يبتعد عن الخطاب الأحادي، أو الاعوجاج الايديولوجي 'التاريخي' تحديدا .

تعنيف الطفل والمرأة

في صباح الـ 'ام بي سي' يوم اول أمس، تم عرض تقرير حول هيئة إنسانية تضم مجموعة من المختصين القانونيين والنفسيين والنشطاء الحقوقيين من كلا الجنسين، الذين عملوا على إنشاء منظومة تحمي المرأة والطفل من العنف الأسري، بحيث خصصوا رقما مباشرا للطوارئ يستطيع به المرء الاتصال بالمعنيين والحديث إليهم ثم ليلتقيهم فيما بعد فيحصل على مشورة قانونية ونفسية او ربما هي مساعدة وعون مبدئي، في حينه، يترجم إلى سعي حقيقي في سبيل التصدي للعنف، والاضطهاد الأسري، مما يعد خطوة إيجابية رائعة ولو انها متأخرة، بها يمكن اتقاء تفشي الجريمة الاجتماعية، وبها يمكن الحد من مسألة هروب الاطفال والنساء واللجوء إلى بيوت الدعارة أو مافيات أطفال الشوارع، ثم الحفاظ على البنيان الاجتماعي متينا ونظيفا خاليا من الشوائب الضارة، ما أمكن، والأهم من ذلك أنه يقف بالمرصاد للتجاوزات التي يقوم بهارب الأسرة معتبرا أنه يستخدم حقه الذي وهبه له مجتمعه بالسيطرة على أفراد عائلته من خلال البطش والإرهاب
مجرد اللجوء إلى تلك الهيئة فإن ملامح التشوه الثقافي الموروث التي تسود بنياننا المجتمعي ستتلاشى شيئا فشيئا، هذه هي البداية، وبها يستطيع هؤلاء تأسيس قاعدة ممتدة إلى كافة مجتمعاتنا العربية، بحيث يسود الوعي لدى الأفراد بضرورة الحفاظ على الكرامة الذاتية، وعدم الرضوخ للجريمة الانسانية التي يمارسها النظام الذكوري في المجتمع تجاه المرأة والطفل، على اعتبارهما عناصر مستضعفة، وهذا كله يسند الحق الأنساني لدى كل شخص بالعيش بأمان، وسلام، دون التهيب من رفض الاضطهاد، والظلم، مما يدفعنا للإيمان بحقوقنا، ثم لأداء واجباتنا بإخلاص وتفانى قائمين على المودة والاحترام المتبادل لا على الرهبة أو الرعب ...
هنا تحديدا نستطيع أن نواجه ضعفنا، أن نتخلص من آلامنا المكبوتة، وأحقادنا على الحياة والسلطات الشرعية والقانونية المتعسفة، على المجتمعات التقليدية العمياء، على الأعراف المتعفنة، والموروثات المهترئة، وهنا تحديدا نستطيع أن نشارك في بناء هيكل اجتماعي حضاري أخلاقي قادر على الوقوف بوجه العنف، كأسلوب تربوي يغذي خلايا إرهابية تستعيده من خلال عقدة نفسية مردها طفولة سوداء، وذاكرة مشحونة بالغبن والعذاب ..
هذه خطوة شجاعة تحفز أفراد المجتمع على التسلح بالإرادة والتحدي لمعاقبة كل سلطة هشة، تعتمد فرض السيطرة من خلال القوة والهمجية الوحشية، هذا استفزاز جماعي لكل مستكين ومستسلم يقع تحت وطأة الرضوخ لهذه القوة .. وهو أيضا حراك واع يهدف إلى النهوض بالمجتمع ومحاربة الفساد الأخلاقي والاجتماعي عامة.. مما يبشر بصحوة ثقافية أرجو الا يعيقها عائق مهما يكن.