المواضيع الأخيرة
بحـث
هكذا يحدث دائماً..
+2
دودو
janesta
6 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
هكذا يحدث دائماً..
شهقت حين رأته منتصباً أمامها بطوله الفارع، وسمرته القاتمة، لا يفصله عنها سوى عدد من الطاولات..
تيبست في مقعدها حين التقت عيونهما، تسمرت، وامتدت نظراتها حتى قاع عينيه، وكأنها تود أن تشده إليها.. كان ذلك اللقاء مفاجأة لها.. لم تكن تتوقعها.. لم يكن وحده.
إلى جانبه الأيسر، كانت تقف فتاة لم ترها "هدوة" في اللحظات الأولى. رأسها الصغير ملفع بغطاء رقيق، يستر خصلات شعرها وجزءاً من عنقها.
تدفقت دماء حارة إلى وجنتيها ووصلت إلى قمة رأسها المتوج بجدائل سوداء طويلة.
في جسدها النحيل سرت رعشة قوية.. مما جعلها ترتبك، وترتجف كعصفور صغير، جرفه تيار لا يرحم..
وظل هو، يتأمل وجهها من بعيد وكأنه يراها للمرة الأولى.. نبهته الفتاة التي ترافقه إلى الطاولة التي انتقتها.. فسار وراءها دون تردد.. كمنوم مغناطيسياً.
وصل نداء إلى فمها المختنق ولكنها أخرسته..
اهتزت الكأس في يدها، وكادت تسقط من يدها النحيلة البيضاء.
سمعت صوت حسان يقول لها باستغراب:
-ماذا دهاك؟ أهناك شيء خطير؟..
ظلت صامتة، ولم تحر جواباً.. ولما أعاد السؤال.. حاولت أن تعمل تفكيرها قبل أن تتلفظ بكلماتها:
-لا.. لا شيء.. لماذا تسألني؟ ليس هناك شيء
-ولكنّ تعابير وجهك، تقول غير ذلك، وشحوبك يدل على ألف معنى.
-قلت لك.. لا شيء.. ألا تصدق؟
-إذاً.. من أين أتتك هذه الرعشات. كادت كأسك تتحطم.
صمتت "هدوة" كالمنومة، محاولة استجماع قواها التي خارت..
وظل حسّان صامتاً، وقد قطّب ما بين حاجبيه، ثم بدأ يرتشف محتوى كأسه رشفة إثر رشفة...
عادت نظراتها تجتاز الفراغ، والمسافة الفاصلة.. لتصل إلى تلك الطاولة اللعينة المنزوية في ركن المطعم الكبير، ثم تحطّ على وجه ذلك الشاب الأسمر الوسيم.. الذي استقر في مقعد، يقابل مقعدها.
رفع ذراعه اليمنى، ومر بكف يده على الجانب الأيمن من رأسه.. ثم أسند رأسه إلى تلك الذراع..
كل ما فيه جذبها لملاحقته.. عيناه اللتان طالما أحبتهما.. نظراته العميقة المستغرقة في حلم طويل، وهدوؤه الآسر.. لم تدر لم أحست بفرح خفي، حين لمحت شحوباً، يكسو وجنتيه وأرنبة أنفه.
-إنه غاضب إذاً.. فليغضب.. ما زال في صدره شيء من الماضي وليحزن وليقتله الندم!!
ألم يتركها تتألم طيلة الشهور الماضية؟.. ألم تفقد ثقتها بنفسها وبالآخرين؟!!
أخذته منها فتاة أخرى.. كما هي العادة في قصص الحب.. نسي حبها الكبير في غمرة إحساسه بالغيرة عليها.. وتساءلت: أهكذا هي الغيرة.. تذهب بالعقل.. وتبقي الرأس خالياً من التفكير الصحيح..؟
ولكن.. أين ذهبت ثقته بنفسه، واعتداده برجولته؟..
إن كل ما فيه، يوحي برجولة آسرة، وساحته المغناطيسية تجذب المراكب، تنزع منها مساميرها، وتتركها محطمة على الشواطئ الصخرية العاتية.
ولكنَّ الطود، تحطم على شواطئ الغيرة، وأصغى إلى همسات أتته متتابعة ومتزاحمة.. فاخترقت حجب نفسه، وزرعت فيها الظنون.
صبّ عليها جام غضبه، متهماً إياها بما لا تعرف.. هربت من وجهه وكأنها لم تعرفه من قبل، دفاعها، لم يعد يجدي.
-هل تقدم لحبيبها شهادات براءتها:
لا لن تفعل، فالماضي المشترك، والعاطفة الكبيرة التي جمعتهما معاً، جديرة وحدها أن تطهر القلب، ليعود إلى صفائه.
الألسنة لم تتوقف، والطوفان جرف معه ذكريات جميلة كادت تتكلل بزواج قريب.
صفق الباب وراءه، ومضى..
تركها وحيدة، مشردة الروح والنفس، تبكي بصمت، وتتحدث بلا رغبة وتحيا وهي تتألم وتتمزق.
وها هي ذي تراه أمامها متأبطاً ذراع أخرى.. وها هي الآن تتقاسم مع شاب آخر تلك الطاولة.
إذاً مضى إلى حاله، وذهبت هي إلى حالها.. وكأن شيئاً ما لم يكن أبداً.
قبل شهر فقط، رنَّ في بيتها جرس الهاتف ليعلمها المتحدث أن حبيبها قد ارتبط بفتاة ذات حجاب.. إذاً.. الحجاب وحده، هو الذي شدّه إلى الأخرى الحجاب وحده، أعاد إليه الثقة في نفسه..
ياله من رجل تقدمي.. يؤمن بحرية المرأة!!!
الشيء الفظيع الذي ما زال يؤلمها.. أنها لم تخنه، ولم تفكر دقيقة بخيانته..
أما ذلك الشاب، الذي اتهمت به، فلم يكن سوى زميل لها في العمل، يسكن في حي قريب من حيها..
صحت من شرودها على صوت حسّان يطلب منها -إن احبت- مغادرة المكان. ولكنها لم تفعل، بل ابتسمت في وجهه ابتسامة جميلة حملتها كلّ ما في قلبها من شوق إليه.. ولم تعد تدري كيف شرحت له بهدوء عجيب، أن كل ما رآه لم يكن سوى زوبعة في فنجان.. أو وقفة قصيرة مع الذات جعلتها تدرك الحقيقة.
إن من يجلس قبالتها.. هو الذي يحبها بصدق.. بينما الآخر جذبته أنوثتها المتدفقة، ومنعته نرجسيته من أن يخترق ذاتها، ليحبها هي بكل وفائها وإخلاصها.. لو أنه عرفها جيداً، وأدرك مكنونات روحها لما تطرق أي شك إلى نفسه.
ودهشت حين سمعت حسّان يقول لها برصانة:
-أتمنى ألاّ أكون مصدر ازعاج لك.. فربما ترغبين بالبقاء وحيدة في مثل هذه اللحظات؟..
-وكيف ذلك؟ إن وجودك إلى جانبي، أعاد إلي الإحساس بإنسانيتي.. أعاد إلي الثقة بنفسي، بالحياة، وبالآخرين..
نهر الحياة المتدفق، لا يتوقف يا صديقي.. نعم لا يتوقف.. فما كان البارحة مستحيلا، أصبح الآن ممكناً وسهلاً..
-ولكني ما زلت مصرّاً على معرفة أسباب اضطرابك..
-وهل هذا يهمّك؟
-أظن.. أنه يهمني..
تبادل الاثنان النظرات بهدوء وسكينة.. وتناست هي الشخص الذي يراقبها عن بعد..
غرقت في بحر عينيه.. استراحت على شواطئ روحه الرملية الملساء.. انتقلا في دقائق إلى ظلال غابة من أشجار النخيل..
وحين عادت إلى مقعدها.. لم تجد الرجل الآخر..
همست برقة متناهية: حسّان.. إنك كالصاعق.. فقد نجحت في امتصاص حممي.. قبل أن تهبط الصاعقة لتحرقني، وتدمر كل ما تلمسه بي..
-ووجودك أنت إلى جانبي رائع أيضاً.. كان لا بد من تلك اللحظات كي أعرف مقدار حبي وتعلقي بك..
-أما زلت مصرّاً على معرفة أسباب انهياري؟
ولكنه لم يجبها..
وحين وصلا إلى المنزل، أخذها بين ذراعيه، وترك رأسها يغفو على صدره، فقد أدرك بذكائه أنها رجعت من رحلة طويلة، لاقت فيها من الألم والعذاب الشيء الكثير.
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: هكذا يحدث دائماً..
ميرسي جانيستا علي المجهود الرائع
دودو- عضو متميز
-
عدد الرسائل : 4345
العمر : 35
نقاط : 3124
تاريخ التسجيل : 02/02/2009
رد: هكذا يحدث دائماً..
merci janesta fe3la ra2e3a
velvet rose- عضو متميز
- عدد الرسائل : 1517
نقاط : 1645
تاريخ التسجيل : 21/03/2009
رد: هكذا يحدث دائماً..
شكرا جانستا قصه مؤثره
kouki- عضــو ممتاز
-
عدد الرسائل : 506
العمر : 104
نقاط : 411
تاريخ التسجيل : 30/01/2009
رد: هكذا يحدث دائماً..
thx jano
hanadi- عضو متميز
-
عدد الرسائل : 2952
العمر : 40
نقاط : 1902
تاريخ التسجيل : 13/02/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: هكذا يحدث دائماً..
جينستا
مجهودك مميز ورائع
مجهودك مميز ورائع
reem- المشرف العام
-
عدد الرسائل : 9539
نقاط : 9022
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 38
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
مواضيع مماثلة
» نورهان دائماً مع وسام
» هكذا هي الحياة
» الإمساك المزمن.. لماذا يحدث؟
» لماذا يحدث الإمساك المزمن
» هكذا بدأت قصة الحب؟؟؟؟؟؟؟؟؟
» هكذا هي الحياة
» الإمساك المزمن.. لماذا يحدث؟
» لماذا يحدث الإمساك المزمن
» هكذا بدأت قصة الحب؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome