المواضيع الأخيرة
بحـث
البصّارة
4 مشترك
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
البصّارة
قرقرة النارجيلة، ذات الإيقاع المحبب، جعلته يستسلم لها.. مداعبا ثغرها المدبب بشفتيه، متناسياً حياته، اسمه، وعنوانه.
من تقع عليه عيناه في هذه اللحظة، يحسب أنه أمام عاشق قد كواه الغرام، وأضناه الجوى.
لم يشعر بقدومها، حين اقتربت منه وطقطقت بالودع في قاع كفّ يدها اليمنى..
تسمرت أمامه وعلى ملامحها سمات التردد..
تأملت وجهه عله يلمحها، وأحدثت حركة خفيفة بصدفاتها الملونة ذات الأشكال المتباينة..
ولكنه ظل مستغرقاً في قرقرة النارجيلة.. في ذلك اللحن اللطيف، الذي يهواه الرجال، ويلجؤون إليه في ساعات الفرح والترح.. وفي أوقات فراغهم.. يهربون من بيوتهم إليه.
السحر يقف قبالته، وهو لا يراه..
والساحرة تغريه بصدفاتها.. وبلعبتها المسلية.. التي ابتدعها خيال الغجر.
انتصبت الشابة السمراء بقدها الأهيف، وعنقها الطويل الذي زين بالحلي.. ثم استندت بخصرها النحيل إلى طاولة هذا الشاب. وحين شعرت أنه لم يعرها اهتماماً.. انتقلت إلى طاولات أخرى.. ثم عادت إليه وهي تتبختر بثوبها الموشى والمطرز بخيوط حريرية ناصعة.. وتداعب عقودها التي تدلت بأطوالها المتفاوتة حتى خصرها..
ربما أثارها شروده.. اقتربت منه هذه المرة.. وألقت عليه بالتحية ثم فاجأته بقولها:
-بتريد تشوف بختك؟
-ابتعدي من هنا.. هادا.. اللي كان ناقصني..
-شو عم تقول
-عم أقول.. ابتعدي.. واغربي عن وجهي..
ولما لاحظ أنها ما زالت مسمرة في مكانها.. كاد ينهض ليصفعها ولكنّه اكتفى بطردها:
-أما قلت لك اذهبي.. لماذا لم تذهبي؟ تقفين أمامي كالصنم.. هل أنت صماء..؟ ألا تفهمين كلامي؟!!
-جرب هذه المرة.. لن تندم.. صدقني لن تندم.. فأنا ماهرة بمعرفة المستقبل..
ضايقه جوابها..
-المستقبل.. هل أنت تعرفين الغيب يا عبيطة.. إنك تعرفين فقط الشعوذة والكذب واللعب على العقول.. وأنا حتى الآن ما زلت محتفظاً بما بقي لدي من عقل..
حين التفت إليها من جديد.. استراحت عيناه لنظراتها الضاحكة.. المشبعة بعبث طفلي ساحر.
جلست دون أن يأذن لها بالجلوس.. وكأنها قرأت حروف موافقته على وجودها.. وسمعته يقول باستكانة:
-سأسلم أمري لله.. ما في فائدة من الكلام.. الغجر هم الغجر.. لن تختلفي عنهم.. وهم لن يتبدلوا ويتغيروا مهما تبدل وتغير العالم من حولهم.
همس بتلك العبارة، ثم انصرف من جديد، إلى قرقرة النارجيلة.. فردت الصبية صدفاتها.. وِأشارت بإحدى أصابعها إلى صدفة كبيرة ثم هتفت بمرح ظاهر.. أرى الآن أخباراً مفرحة ستصلك عن قريب.
قطب ما بين حاجبيه، وتقلصت ملامح وجهه.. وزم شفتيه وظهر ألق غريب في عينيه.. يشبه الدموع.
غطت الصبية السمراء الفاتنة وجهها بكف يدها اليسرى.. وكأنها رحلت إلى البعيد.. ثم سمع صوتها يقول:
-شايفة.. هلأ دموعا في عينيك.. هذا لن يطول.. ستأتيك السعادة لتمسح دموعك. تأمل هذه الصدفة المتوجهة إلى السماء الزرقاء.. إنها تشير إلى هلال الأمل..
كاد يصرخ في وجهها ليقول لها: اخرسي أيتها اللعينة.. كفاك كذباً ونفاقاً.. إن تابعت حديثك هذا.. سأصفعك على وجهك..
التفت إليها.. فوقعت عيناه على وجهها المخضب بحمرة الحياة.. وشد انتباهه استدارة هذا الوجه.. وهاتان العينان الضاحكتان بحبور.. وهذا الصوت المزقزق كالعصافير..
-هي أفضل مني.. هتف لنفسه.. حياتها أكثر صعوبة من حياتي.. ورغم ذلك هي تضحك وتمرح.. نحن أهل المدن نخلق من الحبة قبة.. ومن المشكلة الصغيرة قضية مستعصية.. ولكن.. تباً لهذه الغجرية.. كم تبدو سعيدة!!
لسانها منذ انطلق.. لم يتوقف عن الحديث.. كانت تشرح ما تراه أمامها وكأنه أمر يقيني..
-انظر.. أيها السيد.. هذه الصدفة ستخرجك من الضيق.. أنت واقع في ضائقة.. ولا تريد أن تعترف لي.. ولكن ما علش أنت تستطيع أن تخرج من هذه الفتحة الصغيرة..
تأمل الفتحة التي أشارت إليها الغجرية وكاد يضحك.. وهو يتخيل نفسه وقد دق جسمه ونحل.. وصار بإمكانه أن يخرج من هذا الثقب إلى العالم الرحب.
-ذكية هذه الغجرية، وفيها شيء من حكمة أجدادها-
من أين جاءت بهذا الحديث؟.. إنها تمثل.. نعم تمثل علي.. ولكنها تتقن التمثيل..
ليتني أصبح مثلها.. فهذا الجمود الذي أحسه في داخلي يكاد يقتلني وكأنني مصبوب في قالب.. كل ما أراه حولي يزعجني.. حتى الطعام.. لم أعد أشتهيه..
أنا لست مقولباً.. ولكني معقد.. هذه التسمية تلائمني أكثر.. أي لست واقعياً.. أحيا في الخيال والوهم.. والإثنان يؤديان إلى الحزن والقلق والشكوى الطويلة..
صوت الصبية الغريبة سكن في أذنيه، وملاّ سمعه.. فاستراح إليه..
-ستشعر بالراحة بعد التعب.. اهدأ قليلاً.. واصبر.. فما بعد الضيق إلاّ الفرج.
انظر إلى هذه الصدفة ذات اللون الزهري.. إنها صدفة الحياة السعيدة..
حاول مقاطعتها مرات ومرات..
من تقع عليه عيناه في هذه اللحظة، يحسب أنه أمام عاشق قد كواه الغرام، وأضناه الجوى.
لم يشعر بقدومها، حين اقتربت منه وطقطقت بالودع في قاع كفّ يدها اليمنى..
تسمرت أمامه وعلى ملامحها سمات التردد..
تأملت وجهه عله يلمحها، وأحدثت حركة خفيفة بصدفاتها الملونة ذات الأشكال المتباينة..
ولكنه ظل مستغرقاً في قرقرة النارجيلة.. في ذلك اللحن اللطيف، الذي يهواه الرجال، ويلجؤون إليه في ساعات الفرح والترح.. وفي أوقات فراغهم.. يهربون من بيوتهم إليه.
السحر يقف قبالته، وهو لا يراه..
والساحرة تغريه بصدفاتها.. وبلعبتها المسلية.. التي ابتدعها خيال الغجر.
انتصبت الشابة السمراء بقدها الأهيف، وعنقها الطويل الذي زين بالحلي.. ثم استندت بخصرها النحيل إلى طاولة هذا الشاب. وحين شعرت أنه لم يعرها اهتماماً.. انتقلت إلى طاولات أخرى.. ثم عادت إليه وهي تتبختر بثوبها الموشى والمطرز بخيوط حريرية ناصعة.. وتداعب عقودها التي تدلت بأطوالها المتفاوتة حتى خصرها..
ربما أثارها شروده.. اقتربت منه هذه المرة.. وألقت عليه بالتحية ثم فاجأته بقولها:
-بتريد تشوف بختك؟
-ابتعدي من هنا.. هادا.. اللي كان ناقصني..
-شو عم تقول
-عم أقول.. ابتعدي.. واغربي عن وجهي..
ولما لاحظ أنها ما زالت مسمرة في مكانها.. كاد ينهض ليصفعها ولكنّه اكتفى بطردها:
-أما قلت لك اذهبي.. لماذا لم تذهبي؟ تقفين أمامي كالصنم.. هل أنت صماء..؟ ألا تفهمين كلامي؟!!
-جرب هذه المرة.. لن تندم.. صدقني لن تندم.. فأنا ماهرة بمعرفة المستقبل..
ضايقه جوابها..
-المستقبل.. هل أنت تعرفين الغيب يا عبيطة.. إنك تعرفين فقط الشعوذة والكذب واللعب على العقول.. وأنا حتى الآن ما زلت محتفظاً بما بقي لدي من عقل..
حين التفت إليها من جديد.. استراحت عيناه لنظراتها الضاحكة.. المشبعة بعبث طفلي ساحر.
جلست دون أن يأذن لها بالجلوس.. وكأنها قرأت حروف موافقته على وجودها.. وسمعته يقول باستكانة:
-سأسلم أمري لله.. ما في فائدة من الكلام.. الغجر هم الغجر.. لن تختلفي عنهم.. وهم لن يتبدلوا ويتغيروا مهما تبدل وتغير العالم من حولهم.
همس بتلك العبارة، ثم انصرف من جديد، إلى قرقرة النارجيلة.. فردت الصبية صدفاتها.. وِأشارت بإحدى أصابعها إلى صدفة كبيرة ثم هتفت بمرح ظاهر.. أرى الآن أخباراً مفرحة ستصلك عن قريب.
قطب ما بين حاجبيه، وتقلصت ملامح وجهه.. وزم شفتيه وظهر ألق غريب في عينيه.. يشبه الدموع.
غطت الصبية السمراء الفاتنة وجهها بكف يدها اليسرى.. وكأنها رحلت إلى البعيد.. ثم سمع صوتها يقول:
-شايفة.. هلأ دموعا في عينيك.. هذا لن يطول.. ستأتيك السعادة لتمسح دموعك. تأمل هذه الصدفة المتوجهة إلى السماء الزرقاء.. إنها تشير إلى هلال الأمل..
كاد يصرخ في وجهها ليقول لها: اخرسي أيتها اللعينة.. كفاك كذباً ونفاقاً.. إن تابعت حديثك هذا.. سأصفعك على وجهك..
التفت إليها.. فوقعت عيناه على وجهها المخضب بحمرة الحياة.. وشد انتباهه استدارة هذا الوجه.. وهاتان العينان الضاحكتان بحبور.. وهذا الصوت المزقزق كالعصافير..
-هي أفضل مني.. هتف لنفسه.. حياتها أكثر صعوبة من حياتي.. ورغم ذلك هي تضحك وتمرح.. نحن أهل المدن نخلق من الحبة قبة.. ومن المشكلة الصغيرة قضية مستعصية.. ولكن.. تباً لهذه الغجرية.. كم تبدو سعيدة!!
لسانها منذ انطلق.. لم يتوقف عن الحديث.. كانت تشرح ما تراه أمامها وكأنه أمر يقيني..
-انظر.. أيها السيد.. هذه الصدفة ستخرجك من الضيق.. أنت واقع في ضائقة.. ولا تريد أن تعترف لي.. ولكن ما علش أنت تستطيع أن تخرج من هذه الفتحة الصغيرة..
تأمل الفتحة التي أشارت إليها الغجرية وكاد يضحك.. وهو يتخيل نفسه وقد دق جسمه ونحل.. وصار بإمكانه أن يخرج من هذا الثقب إلى العالم الرحب.
-ذكية هذه الغجرية، وفيها شيء من حكمة أجدادها-
من أين جاءت بهذا الحديث؟.. إنها تمثل.. نعم تمثل علي.. ولكنها تتقن التمثيل..
ليتني أصبح مثلها.. فهذا الجمود الذي أحسه في داخلي يكاد يقتلني وكأنني مصبوب في قالب.. كل ما أراه حولي يزعجني.. حتى الطعام.. لم أعد أشتهيه..
أنا لست مقولباً.. ولكني معقد.. هذه التسمية تلائمني أكثر.. أي لست واقعياً.. أحيا في الخيال والوهم.. والإثنان يؤديان إلى الحزن والقلق والشكوى الطويلة..
صوت الصبية الغريبة سكن في أذنيه، وملاّ سمعه.. فاستراح إليه..
-ستشعر بالراحة بعد التعب.. اهدأ قليلاً.. واصبر.. فما بعد الضيق إلاّ الفرج.
انظر إلى هذه الصدفة ذات اللون الزهري.. إنها صدفة الحياة السعيدة..
حاول مقاطعتها مرات ومرات..
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 37
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: البصّارة
thx jano
hanadi- عضو متميز
-
عدد الرسائل : 2952
العمر : 40
نقاط : 1902
تاريخ التسجيل : 13/02/2009
رد: البصّارة
نورتيني هنود
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 37
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
رد: البصّارة
نورتيني اغلا ريم
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 37
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
janesta- مــديـر عـــام
-
عدد الرسائل : 17577
العمر : 37
نقاط : 16564
تاريخ التسجيل : 27/01/2009
نســــــــــــــــــــــايــــم :: الـمـنتـدى الادبـي...LITERARY FORUM :: قــسم القصص ألادبيه...LITERARY STORIES
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 06, 2011 9:36 am من طرف nada22
» برنامج يعمل اجنور للروم كلة تبع الياهو
الخميس سبتمبر 02, 2010 2:06 am من طرف MELAD89
» موت آخر أمل
الخميس أغسطس 19, 2010 9:41 am من طرف hady22
» ممكن ؟
الخميس أغسطس 19, 2010 9:38 am من طرف hady22
» تسرب المياه يكشف عن وفاة عجوز قبل 5 أعوام
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:08 pm من طرف janesta
» استراليا تكتشف ثلاثة ديناصورات كبيرة جديدة
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:07 pm من طرف janesta
» بحيرة طبرية تتناقص...... صور
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:06 pm من طرف janesta
» منزل بدولار واحد في الأسبوع في بلدة أسترالية
الثلاثاء يوليو 27, 2010 2:04 pm من طرف janesta
» برنامج دس كونكت باميلات بوت خطييير جدا
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:27 pm من طرف شادى
» اقفل اميل الى مديقك فى ثوانى 123 بوووووووم
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:47 pm من طرف شادى
» اطرد كل الى فى الروم فى 3 ثوانى مش مبالغة
الثلاثاء مايو 11, 2010 9:34 pm من طرف شادى
» أدخل حمل برنامج تسجيل صوت كل شيء على الجهاز الكمبيوتر
الأربعاء فبراير 10, 2010 10:08 am من طرف فوفو العنزي
» اعرف الى قدامك اون لاين ولا افلاين من غير برنامج وكمان اعرف
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:57 pm من طرف حنان
» برنامج Many cam 2.3
السبت فبراير 06, 2010 6:58 am من طرف البندري
» برنامج بوت قوى ويشتغل ب100 اميل بس
الخميس فبراير 04, 2010 11:24 pm من طرف thehandsome