اسرائيل تهدد لبنان

اقبل اللبنانيون بشكل غير مسبوق يوم امس على صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد، ربما يكون الأهم في تاريخ البلاد لما يمكن ان يترتب على تشكيلته من تداعيات محلية واقليمية.
اللبنانيون بانضباطهم وسلوكهم الحضاري اثبتوا انهم الشعب الأكثر ايماناً بالديمقراطية والتعددية السياسية في المنطقة العربية، بل وفي العالم الثالث بأسره. فقد سارت الانتخابات بشكل هادئ دون اي حوادث رئيسية تعكر صفوها.
الخطر على الديمقراطية اللبنانية لم يكن داخلياً، بقدر ما هو خارجي، بسبب تدخل قوى اقليمية وعظمى في الشؤون الداخلية اللبنانية ومحاولاتها التحكم في النتائج الانتخابية، وبما يؤدي الى خدمة مصالحها على حساب مصالح الشعب اللبناني.
التهديدات لم تتوقف مطلقاً للشعب اللبناني طوال الاسابيع الماضية، ومن الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها على وجه الخصوص، سواء كانوا عرباً او اسرائيليين، فمنذ زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الامريكي المفاجئة للبنان، والناخب اللبناني يتعرض لعملية ارهاب منظمة لاقناعه بعدم التصويت الى لوائح المعارضة، وتحالف القوى الوطنية الذي يجمع مختلف التيارات المسيحية والاسلامية الداعمة لسلاح المقاومة.
نائب الرئيس الامريكي هدد بوقف المساعدات المالية الامريكية للبنان في حال فوز التكتل الذي يتزعمه حزب الله، بينما قال الناطق باسم الادارة الامريكية بأن صفقات الاسلحة الى لبنان وجيشه ستتوقف ايضاً وللسبب نفسه، لنتبين ان المساعدات العسكرية الامريكية للبنان اقل من مليون دولار وتتمثل في بعض الاسلحة والعربات القديمة المهترئة التي تعتبر من فضلات الجيش الامريكي.
هذه التهديدات الامريكية الوقحة تزامنت مع ظهور اعداد كبيرة ممن يطلق عليهم بالخبراء الاقتصاديين عبر شاشات التلفزة اللبنانية منها او تلك التابعة لمحور الاعتدال العربي 'يبشرون' بانهيار الاقتصاد اللبناني في حال فوز المعارضة.
ولعل التهديد الاكبر جاء من تسيبي ليفني زعيمة المعارضة من ناحية ومسؤولين امنيين اسرائيليين من ناحية أخرى، فالسيدة ليفني التي ارتكبت مجازر قطاع غزة، وشنت حكومتها عدوانا على جنوب لبنان، طالبت بمنع حزب الله من المشاركة في الانتخابات من الاساس لانه حزب 'ارهابي' في رأيها، بينما قال مسؤولون امنيون ان اسرائيل ستوجه ضربات شديدة الى لبنان رداً على أي هجوم ينطلق من أراضيه، في حال فوز حزب الله في الانتخابات النيابية.
ان هذه التهديدات الامريكية الاسرائيلية هي اوسمة شرف لتكتل المقاومة، وادانة واضحة للفريق الآخر، مثلما هي فضح لكل الاكاذيب الامريكية حول الديمقراطية ومحاولة نشرها في العالم.
حزب الله يقود تكتلاً يضم مختلف الوان الطيف اللبناني من المسيحيين والمسلمين سنة وشيعة ودروزا والأرمن، ويشارك في الانتخابات كطرف اصيل في المعادلة السياسية اللبنانية، احترم المؤسسات المنتخبة طوال الوقت، وتصرف بطريقة مسؤولة من موقعه في المعارضة، ولا نفهم حالة السعار هذه التي تنتاب قوى تدعي انها ديمقراطية وتعمل على اجهاض تجربة انتخابية نزيهة حتى قبل ان تظهر النتائج.

ميرسي جانيستا علي الاخبار

يعطيكي العافيه ريم