ضعف أمريكي يقابله إرتباك عربي

من طرف **janesta** الثلاثاء أبريل 07, 2009 4:55 am

بعثت واشنطن في ظل ادارة اوباما برسائلها الجديدة الى جهات العالم الاربع وخصت عالمنا العربي والإسلامي بأهم الرسائل وكان ابرزها، رسالة اوباما لإيران حكومة وشعبا التي هنّأهم فيها بعيد النوروز فقدم لهم باقة من ورود الربيع وعرض عليهم حوارا مفتوحا بلا شروط مسبقة وفي التوقيت ذاته تولت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية اطلاق رسالة تصالحية أخرى أعلنت فيها ان بلادها سوف لا تعود لرفع شعار 'الحرب على الإرهاب' الذي اتخذت منه إدارة بوش دافعا لاحتلالها لكل من افغانستان والعراق ، كما ارسلت واشنطن إشارات عديدة لكل من سورية ولحركة طالبان اعترفت من خلالها بأهمية هذه القوى على ساحة الشرق الأوسط وأظهرت رغبتها في الحوار معها، ثم أوعزت الإدارة الجديدة لحلفائها الاوروبيين بالتحادث مع حزب الله والتلميح بإمكانية تحاور بريطانيا وفرنسا مع حركة حماس وقد شاهدنا بالأمس مسؤولا سياسيا في حزب الله يدعى من قبل بعض النواب البريطانيين الى مجلس العموم ليتحدث به .
بعد حادثة البرجين وتحت شعار الحرب على الإرهاب، شنت إدارة بوش حروبها الاستباقية على بلاد المسلمين والعرب مزهوة بنفسها وببلدها بصفته القطب الكوني الأوحد ، وبعد انقضاء 8 سنوات على احتلال امريكا لافغانستان و6 سنوات على احتلالها للعراق غاص الأمريكيون بأوحال البلدين وبدأوا يتذوقون طعم الهزائم ويدفعون أثماناً باهظة جرّاء اندفاعهم الظالم والأرعن، وخسروا في غزوهم الطائش هذا ألوفا من القتلى والجرحى والمعاقين والمرضى النفسيين ومئات الألوف من الدولارات ويقدر البعض خسارتهم المالية في العراق وافغانستان بنحو ثلاثة تريليونات من الدولارات.
تسلم الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما تركة ثقيلة خلفها له رئيس سابق أرعن ومتهور فأورثه هزائم وخيبات وخسائر مادية كبرى كانت المسبب الاول في الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها امريكا الآن ويعاني منها النظام الرأسمالي العالمي الذي تقوده . وبالامس قال اوباما ان هذه الازمة المالية والاقتصادية هي الأقسى والأكثر ايلاما منذ الحرب العالمية الثانية وخبراء كثيرون يقولون انها الأقسى والأصعب على أمريكا منذ الأزمة المالية الكبيرة التي عاشتها في العام 1929.
لا بد من الإقرار أن الولات المتحدة الأمريكية تعيش اليوم في حالة ضعف بيّن بدأ يأخذ طريقه نحو دفعها لتغيير سلوكها الإمبراطوري/الإمبريالي ، وما نشهده من تحولات في السلوك الأمريكي ربما يكون تغيّرا جذريا أو مصالحة نهائية مع إقليمنا ومع العالم أو هو في الحد أدنى هدنة طويلة الأمد على اقل تقدير ومن المتوقع أن يشهد العالم خلالها تغيّرات وتحوّلات هامة لا حصر لها، والأرجح أن الولايات المتحدة بدأت تتقلص لتفقد صفة أحادية القطب لتصبح فقط دولة كبيرة تتعايش في عالمنا مع دول كبيرة أخرى كثيرة ، وبكلام آخر بدأ العالم يتجه ليكون أكثر أمنا لأنه يسير نحو التعددية القطبية ، الذي سوف تتمكن فيه الدول التي تملك قرارها واستقلالها الحقيقي من حمل صفة الدول العظمى.
بناء هلى هذا التحليل لا بد لنا من الالتفات لسؤال يفرض نفسه... ما هو تأثير الضعف الأمريكي على النظام العربي ؟ وقد لا نظلم معظم انظمتنا العربية لو افترضنا أو قلنا أن الضعف الأمريكي يربكها ويشعرها باليُتُمْ لأن القوة العظمى لم تعد راغبة أو قادرة على إحاطتها بمظلتها أو حمايتها من نقمة شعوبها المقهورة ولأن المعلم الكبير والآمر الناهي راح يتجه للملمة أطرافه ليجعل من الإياب منفذا له آملا في وقف مسلسل الخسائر والهزائم . ومن يحسن التقييم لا بد أنه لاحظ سلوك معظم الحكام العرب في مؤتمر قمة الدوحة الذي انهى أعماله في الأسبوع الماضي وشاهد التخبط والإرتباك وفقد البوصلة، فلم نشاهدهم يصرون على أمر أو يرفضونه بالقطع، فلا موقف سلبياً او ايجابياً من المقاومة أو من ايران أو من حكومة نتنياهو ولا موقف نهائياً من مبادرة السلام العربية ونصف موقف من قضية الرئيس عمر البشير .
ليس الضعف الامريكي سوى مسألة ايجابية انعكست على أقطارنا وشعوبنا العربية والإسلامية وهنا تجب الإشارة للدور الهام جدا الذي لعبته المقاومات العربية والإسلامية في إضعاف أمريكا وحالة الضعف هذه لا بد لها من أن تطرح ثمارها في المستقبل غيرالبعيد فيتبدل عالمنا العربي الإسلامي المظلم بمعظمه ليصبح عالما منيرا يسود فيه الاستقلال الحقيقي، هذا الاستقلال الذي سيعيد لنا حقوقنا المسلوبة في الارض والحرية.