جرائم لا تحتاج لتحقيق دولي

من المقرر ان تصل الى قطاع غزة يوم الاثنين المقبل لجنة التحقيق الدولية المنبثقة عن الامم المتحدة للتحقيق في الجرائم الاسرائيلية، اثناء العدوان على قطاع غزة مطلع العام الحالي.
الحكومة الاسرائيلية رفضت التعاون مع هذه اللجنة تحت ذريعة انها تلقت تعليمات بادانتها بارتكاب جرائم حرب بغض النظر عن نتائج تحقيقاتها. مما يعني ان هذه اللجنة غير مرحب بها، ولن يسمح لها بلقاء اي مسؤول اسرائيلي، او الاطلاع على وثائق الحرب.
ومن المفارقة ان رئيس هذه اللجنة هو ريتشارد غولدسميث، وهو شخصية حقوقية جنوب افريقية تحظى باحترام عالمي ومشهود لها بالامانة والحيادية والمهنية العالية، علاوة على كونه يهوديا. ولكن كل هذه المواصفات لا تروق للحكومة الاسرائيلية التي تعودت ان تفرض شروطها على الامم المتحدة، وتجد 'الفيتو' الامريكي جاهزا لحمايتها.
الوضع المأساوي في قطاع غزة لا يحتاج الى لجان تحقيق دولية او غيرها، فهناك اطنان من الوثائق، وآلاف الاشرطة التلفزيونية المصورة بالصوت والصورة التي تؤكد ارتكاب القوات الاسرائيلية جرائم حرب ضد الانسانية.
فمن منا لم يشاهد قذائف الفسفور الابيض تسقط على المنازل وتحرق من فيها ومن منا لم يتابع القصف الجوي والبحري والبري لابناء القطاع وهم محاصرون في منطقة لا يزيد حجمها عن مئة وخمسين ميلا مربعا لا يستطيعون النجاة بارواحهم والمغادرة الى مناطق آمنة لهم ولاطفالهم.
الحكومة الاسرائيلية لا تريد التعاون مع اللجنة لانها تعرف حقيقة جرائمها، مثلما تعرف كيف حرض الحاخامات، وفي بيانات مكتوبة الجنود على ممارسة القتل دون رحمة لابناء قطاع غزة اثناء العدوان.
اللجنة تستطيع ان تذهب الى مدارس وكالة غوث اللاجئين التي احتمى بها المدنيون على امل ان تحميهم اعلامها الزرقاء، وترى كيف جرى ارتكاب مجازر داخلها من قبل الدبابات والطائرات الاسرائيلية.
ولعل هذه اللجنة تزور حي الزيتون حيث ارتكبت مجزرة اخرى منعت القوات الاسرائيلية فرق الاسعاف التابعة للصليب الاحمر الدولي الوصول الى الجرحى والشهداء لاكثر من اربعة ايام متواصلة، وعندما وصلوا وجدوا رضيعا يمص اصبع رجل امه الشهيدة.
الدمار في قطاع غزة ما زال شاهدا على العدوان الاسرائيلي، فما زال هذا الدمار على حاله لان اسرائيل تمنع وصول مواد البناء لاعادة الاعمار، وتواصل التحكم في المعابر وتفتح بعضها لساعات معدودة.
ندرك جيدا ان هذه اللجنة ستقدم تقريرا مفصلا عن الجرائم الاسرائيلية، ولكن هذا التقرير سيكون مصيره مثل جميع التقارير السابقة اي الاهمال، لان اسرائيل، وبفضل الحماية الامريكية هي فوق جميع القوانين، وتستطيع ارتكاب المجازر، واستخدام الاسلحة المحرمة دوليا، وهي مطمئنة بسبب هذه الحماية.
مواطن الخلل معروفة، والمنظمة الدولية باتت ادارة من ادارات الخارجية الامريكية، ولن يتغير هذا الوضع طالما ان هناك اذعانا عربيا له وآخر فصوله اغلاق معبر رفح ومنع وصول المساعدات وتعطيل عمليات اعادة الاعمار.

يعطيكي العافية ريم