زيارة نتنياهو لشرم الشيخ

زيارة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الى مصر، واستقباله من قبل رئيسها حسني مبارك، في منتجع شرم الشيخ امس لم تكن زيارة موفقة من حيث التوقيت او النتائج، ويمكن ان تصب في مصلحة السياسات المتطرفة التي تتبعها حكومته على صعيد عرقلة عملية السلام، والتوسع الاستيطاني، في القدس المحتلة خاصة.
نتنياهو لم يتطرق مطلقاً الى حل الدولتين في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع مضيفه المصري بعد مباحثاتهما الثنائية، واكتفى بتكرار نظريته حول استعداده لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين على اساس ثلاثة مسارات سياسية وأمنية واقتصادية. وهذا يعني انه لم يستجب لتوسلات الرئيس المصري في هذا الخصوص.
فاذا كان الهدف من توجيه الدعوة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد هو اقناعه بالعودة الى العملية السلمية في شكلها القديم، اي على اساس خريطة الطريق ومبادئ مؤتمر انابوليس فإن نتائج الزيارة جاءت مخيبة للآمال في هذا الخصوص، لأن نتنياهو لم يتراجع مليمتراً واحداً عن مواقفه، بل تمسك بها حرفياً.
الرئيس المصري تسرع بارسال اللواء عمر سليمان الى القدس المحتلة للالتقاء بنتنياهو وتسليمه دعوة لزيارة مصر، وكان عليه ان يربط توجيه هذه الدعوة بالتزام رئيس الوزراء الاسرائيلي بالعملية السلمية وشروطها، اللهم الا اذا كانت الاسباب التي دفعته، اي الرئيس المصري لتوجيه الدعوة لا علاقة لها على الاطلاق بالعملية السلمية وما يتفرع منها من سياسات أخرى.
فمن الجائز ان يكون الهدف الرئيسي وغير المعلن من الزيارة هذه بحث ملفات اخرى تحتل اولوية بالنسبة الى الدولتين الجارتين، مثل الملف النووي الايراني، والقلق المشترك من عمليات تخصيب اليورانيوم المتسارعة المكملة له.
الحكومة المصرية لم تعد تعتبر اسرائيل العدو الاول، الذي يشكل خطراً على امنها القومي فيما يبدو، ومن يتابع التصريحات التي يدلي بها المسؤولون المصريون، والسيد احمد ابوالغيط وزير الخارجية المصري خاصة، حول التدخل الايراني المتصاعد في الشؤون العربية وضرورة وقفه، والضجة الكبرى التي اثيرت، وما تزال، حول ما يسمى بخلية حزب الله في مصر، يدرك جيداً هذه الحقيقة.
وقد عكس المؤتمر الصحافي المشترك صوراً تعكس العلاقات الحميمة بين الرئيس المصري وضيفه الاسرائيلي، ولوحظ ان الاسئلة التي جرى توجيهها الى رئيس الوزراء الاسرائيلي من قبل الصحافيين الحاضرين، ومعظمهم جرى اختيارهم بعناية فائقة، جاءت وديعة ومصاغة بطريقة لا تخلق اي احراج للضيف الاسرائيلي أو مضيفه المصري.
نتنياهو سيوظف حتماً هذه الحفاوة المصرية في خدمة سياساته المتشددة، من حيث القول بأن اكبر دولة عربية تستضيفه على ارضها، وتتشاور معه في امور كثيرة، مما يعني عدم معارضتها لمثل هذه السياسات، بل والأهم من ذلك وجود استعداد من جانبها لتفهمها وربما محاولة التكيف معها.
اما الحكومة المصرية فلن تكسب الا المتاعب من هذه الزيارة، فقد تعرضت لانتقادات عديدة من حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وكذلك من احزاب المعارضة المصرية، والاخوان المسلمين على وجه الخصوص، كما ان الشعب المصري صاحب التاريخ المشرف في الوطنية ومساندة اشقائه الفلسطينيين وتقديم الشهداء نصرة لقضيتهم لن يكون سعيدا بهذا التودد من قبل حكومته لرئيس وزراء اسرائيلي يتزعم حكومة يهدد وزير خارجيتها بقصف السد العالي واغراق مصر بمياه النيل، ويتطاول على الرئيس مبارك بوقاحة غير معهودة.

نورتيني ياقمره